15 سبتمبر 2025
تسجيلها نحن نودع شهر الرحمة والغفران، شهر رمضان الفضيل والكريم الذي تمر أيامه ولياليه دون أن نشعر بها، تمر محملة بنسائم الايمان والطاعات، ولكن السؤال الآن كيف نودع شهر رمضان في هذه الأيام الأخيرة أنودعه وداع حبيب لحبيب؟ أم وداع من تخلّص من هذا الركن الذي أتعَبَنا بين صيام وقيام؟ هناك من يودِّع شهر رمضان وهو يبكي حزناً وأسفاً على هذا الشهر العظيم المبارك لأنه عرف قدره، ولأنه علم الحديث الشريف: (لو تعلم امتي ما في رمضان لتمنت أن يكون السنة كلها رمضان) وهناك من يودِّع شهر رمضان فرحاً لأنه استراح من الصيام والقيام ومن صلاة الفجر في جماعة ومن أجمل الأشياء التي يمكننا أن نقوم بها قبل أن تغيب شمس رمضان هي الإكثار من الاستغفار في هذه الأيام المباركة المتبقية، لأن المُخلِص بحاجة إلى كثرة استغفارك، فالله عز وجل يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} بعد أن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء ما كُلِّف به من أداء الرسالة على أكمل وجه جاء الخطاب من الله لسيدنا رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالأمر بالتسبيح والاستغفار بعد أداء العبادة على أتمّ وجه. وتدبَّروا كذلك قول الله عز وجل وهو يأمر الحُجّاج الذين وقفوا على أرض عرفة، وبغروب الشمس في يوم عرفة تغرب الذنوب، فيخرج الإنسان من أرض عرفة ولا ذنب عيه: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}. وقال لنا جميعاً بعد أداء كل طاعة مهما كان نوعها مع إخلاصنا فيها، قال عز وجل : {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} نحن نعلم بأن الاستغفار لأهل العصيان وللشاردين عن منهج الله تعالى وكذلك الطائع يحتاج إلى استغفار لأننا ما عبدنا الله عز وجل حقَّ العبادة، وما عرفناه حقَّ المعرفة، ولأننا عاجزون عن أداء حقه تبارك وتعالى، وكيف نشكره حق الشكر، وكيف نعبده حقَّ العبادة، والعبادة مِنَّةٌ من الله تعالى علينا يستحقُّ الشكر عليها ويرحم الله السيدة رابعة العدوية التي كانت تقول: استغفارنا يحتاج إلى استغفار.وهذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا كيفية الاستغفار، يقول صلى الله عليه وسلم: (سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ. قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) رواه البخاري. وأخيرا: تعلمنا في مدرسة رمضان أن نستعلي على ضعفنا وكسلنا وتراخينا، ونصبر على جراحنا وآلامنا، ونتخلى عن إحباطنا ويأسنا، ونتحول إلى الأمل واليقين والإيجابية والثبات، والثقة بأن المستقبل لهذا الدين والهزيمة لليهود والكافرين، فهل ننسى هذه الدروس الضرورية بعد انتهاء هذه الدورة الرمضانية؟ وهل نتخلى عن هذه المكاسب التي جنيناها من رمضان، من ذاق طعم الإيمان وحلاوة العبادة لا يرجع عنه بعد رمضان. هذه بعض المعاني الإيمانية التي عشناها ينبغي أن نحافظ عليها ولا نتركها، نسأل الله تعالى أن يعود علينا رمضان في السنة القادمة إن شاء الله والمسلمون بدينهم متمسكون وبشرع الله عاملون ولكتابه حافظون وسلامتكم.