21 سبتمبر 2025
تسجيلذلك هو السؤال الذي يتردد على ألسنة الشعب المصري وما زال يبحث عن إجابة. وكما يقول رجال التحقيق في الجرائم: ابحث عن المستفيد للوصول إلى الجاني، فإن هناك معلومات يتم تداولها تقول بأن المسئول الأول عن تفجير الأحداث في مصر هو التيار العلماني بالتنسيق مع فلول النظام من أجل تأجيل الانتخابات لمنع وصول التيار الإسلامي للسلطة. وتشير تلك المعلومات إلى أن ثمة اجتماعات عقدت خلال الأسابيع الماضية عن ممثلين لكافة أطياف التيار العلماني مثل الشيوعيين والاشتراكيين والليبراليين فضلا عن فلول جهاز أمن الدولة المنحل وإحدى المجموعات التابعة لمؤسسة سيادية كان يقودها أحد قادة النظام السابق، وذلك من أجل وضع خطة لتفجير الأوضاع ووقف إجراء العملية الانتخابات. واستغل هذا التحالف الشيطاني صدور وثيقة السلمي وتصاعد الجدال حولها وصولا إلى خروج التيار الإسلامي للشارع في مليونية 18 نوفمبر للتنديد بها. كانت الخطة تقوم على أساس جر الإسلاميين للاعتصام في الميدان، ولما فشلوا في هذا بعد رفض الإخوان القاطع للاعتصام، تم استخدام مجموعة صغيرة من مصابي الثورة كفتيل إشعال. كان البعض من مصابي الثورة يعتصمون في ميدان التحرير قبل أسبوع من مليونية 18 نوفمبر دون أن يتعرض لهم أحد، وذلك للمطالبة بحقوقهم المادية والعلاجية. وفي يوم التظاهرة المليونية صعد بعض من هؤلاء المصابين إلى منصة الإخوان في الميدان من أجل عرض مطالبهم وكانت المفاجأة أنها تتمثل في: حل الحكومة وإسقاط المجلس العسكري ومقاطعات الانتخابات البرلمانية. والسؤال الذي طرح نفسه حينها: ما علاقة تلك المطالب بحقوقهم المادية والعلاجية؟ كان من الواضح أن هؤلاء المعتصمين قد تعرضوا لعملية غسيل مخ من جهات بعينها بغرض استخدامهم في عملية التفجير القادمة في حال لم يستجب التيار الإسلامي لفكرة الاعتصام في الميدان، وهو ما حدث بالفعل في اليوم التالي لتظاهرة المليونية. جاء اليوم التالي 19 نوفمبر حاملا مع نسائم صباحه الأولى مشاعل التفجير التي تم إعدادها بإتقان شديد: مجموعة من مصابي الثورة المعتصمين في الميدان، لم يتعد عددهم الثلاثين شخصا، وأكثر من عشرين سيارة لقوات الأمن المركزي جاءت من أجل فض هذا الاعتصام المحدود. وكان واضحا أن الخطة كانت تقتضي استثارة الشعب المصري لأقصى مدى ممكن، من أجل دفعه إلى الخروج للشوارع والرد على الإهانة المتعمدة لهؤلاء المعتصمين. ونجحت المرحلة الأولى حينما قامت كاميرات الفضائيات بتصوير عملية فض الاعتصام وما رافقها من إهانات شديدة. وكان السؤال: كيف علمت هذه الفضائيات بأن قوات الأمن ذاهبة في هذه اللحظة إلى الميدان لفض الاعتصام؟ ثم جاءت المرحلة الثانية المتمثلة في استخدام جموع الشباب التي نزلت للشوارع للدفاع عن كرامة المعتصمين من أجل زيادة الحريق الذي اندلع، من خلال استخدام قوات الأمن لعنف شديد بهدف إسالة أكبر قدر من الدماء لدفع مزيد من جموع الشعب المصري للنزول إلى الشوارع. وهو ما حدث بالفعل خاصة في اليوم التالي 20 نوفمبر حينما تعمدت القوات قتل أكثر من ثلاثين شخصا خلال أقل من عشر دقائق أثناء عملية فض الميدان. والأمر الغريب أنها تركت الميدان بعد ذلك ليعود المتظاهرون إليه. والسؤال كان حينها: إذا كانت قوات الأمن قد سعت لفض الميدان من المتظاهرين مستخدمة كل هذا العنف، فلماذا لم تقم بوضع حواجز أمنية لمنع عودة المتظاهرين مرة أخرى؟ إلى هنا تحققت أهداف المخطط واشتعلت الحرائق ليس فقط في ميدان التحرير بل في كل الميادين المصرية، ونزل الناس إلى الشوارع متكفلين باستمرار الحريق عبر التعبير عن غضبهم في صورة اشتباكات مع قوات الأمن، كانت تزيد من كمية الدماء السائلة. وبدلا من الحديث عن كيفية الاستعداد للانتخابات قبل أيام معدودة، أصبح الحديث عن ضرورة تنحي المجلس العسكري الآن، خاصة وأن البعض رأى أن ما يحدث ما هو إلا استعادة لمشاهد ثورة يناير، معتقدين أن بإمكانهم دفع العسكر للخروج من السلطة كما فعلوا مع مبارك من قبل. لكن واقع الحال يقول إن هذا الأمر لن يتحقق، لأن ميدان التحرير في نوفمبر ليس كميدان التحرير في يناير. كما أن المؤسسة العسكرية ليست كمبارك. فهذا الأخير وجد من يجبره على التنحي، في حين أن المجلس العسكري لا يجد من يجبره على تكرار ذات الأمر، خاصة بعد أن ذاق الشعب المصري الأمرين في أمنه ومعيشته بعد الثورة. وهو ليس على استعداد لمقايضة ما تبقى منهما مقابل طموحات من يحتلون الميدان.