11 سبتمبر 2025
تسجيللطالما كانت الدبلوماسية القطرية واضحة المعالم واللغة والمصطلحات، مع أن منطقة الرماية هي الملعب المفضل للدبلوماسيين والسياسيين، لتطبيق القاعدة الشهيرة "تحدث كثيرا ولا تقل شيئا".والموقف القطري حيال الأوضاع في سوريا "أخلاقي ومبدئي وثابت"، بلا أطماع إستراتيجية أو اقتصادية وليس عندها أجندة أيديولوجية أو سياسية هناك، وينطلق من مبدأ التفاعل من جزء عزيز من الأمة العربية يتعرض للذبح والقتل ليل نهار منذ أكثر من 4 سنوات، على قاعدة "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية الدكتور خالد العطية: "إذا ما تتبعنا الموقف القطري من اليوم الأول فقد بذلنا كل المحاولات وطرقنا كل الأبواب لإيجاد حل سلمي لسوريا، ولكن عندما رأينا إراقة الدماء كان علينا أن ننحاز إلى الشعب السوري". وذلك عندما تخلى العالم كله عن الشعب السوري بما في ذلك ما يسمى بالمجتمع الدولي وهذا ما قاله صراحة "إن مجلس الأمن الدولي لا يقوم بما فيه الكفاية لحماية الشعب السوري، لذلك حملنا على عاتقنا نحن وأصدقاؤنا مهمة القيام بكل ما بوسعنا لحماية الشعب السوري عبر دعم المعارضة السورية المعتدلة". المشكلة الحقيقية هي أن الغرب اعتمد سياسة "ثورة لا تنتصر ونظام لا يهزم" منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة السورية، فقد كان الهدف الغربي هو تدمير سوريا وإضعاف الأطراف المتحاربة هناك من أجل "حصد" سوريا بلا ثمن، ولذلك كانت السياسة الغربية تعتمد المماطلة والتسويف والمراوغة من أجل تحول سوريا إلى فتات دولة لا يستطيع أن يحكمها نظام أو معارضة، واضعين نصب أعينهم حماية الكيان الصهيوني من أي تهديد محتمل.بقيت السياسة الغربية تدور في مسار دائري في الوقت الذي كانت فيه إيران تتمدد في سوريا مع حلفائها الشيعة وأتباعها من حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية إلى جانب المليشيات العلوية التي يديرها نظام الأسد الإرهابي الدموي، إلا أن هذا التدخل الإيراني والعراقي اللبناني الشيعي لم يكن كافيا لإنقاذ نظام الأسد الذي يترنح تحت ضربات الثوار، فكان لا بد من استدعاء روسيا للتورط في بحر الدماء السوري، من أجل الحيلولة دون انهيار النظام الدموي الحاكم في دمشق. مما أدخل سوريا في معادلة جديدة وفتح الصراع إلى مديات دولية وحضارية ودينية بتحويل الحرب التي يشنها الأسد ونظامه الدموي ضد الشعب السوري إلى "حرب مقدسة" واعتبار جميع القوى التي تقاتل ضد نظام الأسد البشع "قوى إرهابية"، وهذا يعني أن الغالبية العظمى من الشعب السوري هم من "الإرهابيين"، ووصم قوى التحرر السورية بالتطرف، مما يعني من وجهة النظر الروسية الإيرانية شن حرب مقدسة لاقتلاع الشعب السوري بوصفه شعبا من "التكفيريين" بسبب مطالبتهم بإسقاط نظام الأسد الديكتاتوري، دون أن يكون لديهم خيارات أخرى، وهذا ما يعطي وزنا كبيرا لما قاله وزير الخارجية القطري: "نحن لدينا خياران في المنطقة، الأول يتمثل في الصراع وهو ما نحاول دائما تجنبه، والخيار الثاني يتمثل في الحوار الجدي لحل مشاكلنا في بيتنا.. نحن لا نخشى أي مواجهة، ولهذا سندعو للحوار من موقع القوة لأننا نؤمن بالسلام، والطريق الأقصر للسلام يكون بالحوار المباشر". لكن المشكلة تبقى أن البحث عن حل سلمي في سوريا سيبقى بعيدا لأن إيران لا تفكر إلا بإخراج الغائب من السرداب، وروسيا مشغولة بالسعي لاستعادة أمجادها الإمبراطورية، والغرب لا يهمه لا حماية الكيان الإسرائيلي والعرب "شاهد لا يريد أن يرى شيئا".