16 سبتمبر 2025
تسجيلخطاب الامير حلل بمنطق مختلف الأزمات الإقليمية والعالمية التي تنذر البشرية انعقدت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة كعادتها في شهر سبتمبر 2017 ولكنها خلال دورتها الحالية غيرت المحاور وحورت البرامج وشهد الرأي العام العالمي تحول هذا اللقاء الكبير إلى ساحة وغى حقيقية ومشتعلة، مما يؤكد أن العلاقات الدولية الراهنة لم تعد تلك التي وضعتها وحددتها المنظمة الأممية في أعقاب الحرب العالمية الثانية في ميثاقها، أي أداة مشتركة تعمل على حفظ السلام وتجنيب البشرية مخاطر الحروب بل تحول منبرها الذي يستند إلى جدار الرخام الأخضر هذه المرة إلى احتضان خطب زعماء العالم المهددة بالحرب والمؤذنة بتدشين عصر جديد من المواجهات بعد العجز عن حل الخلافات بالحوار واحترام القانون الدولي. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبس الخوذة ورفع سلاح الوعيد بمحق دولة كوريا الشمالية للأسباب المعروفة بما فيها من 25 مليون نسمة وأجابه رئيس كوريا الشاب وريث الجمهورية العجيبة بأنه يعتبر الرئيس ترامب مختلا عقليا، وأنه سيؤدب المغامرين إذا ما فكروا في الإضرار ببيونج يانج! ووقف الرئيس الإيراني روحاني من جهته مهددا بالرد على كل من تسول له نفسه إلغاء معاهدة النووي الإيراني الموقعة يوم 14 يوليو 2014 وحال عودته إلى طهران أشرف على استعراض عسكري مهيب تناوبت فيه الصواريخ العابرة للقارات وأكد فيه روحاني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تفرط في حقها في امتلاك القوة الضرورية لجيشها. ثم جاء دور نتنياهو ليتوعد إيران بالحرب ولو بإشارات واضحة لا لبس فيها متمسكا بمواصلة حصار غزة وخنق الضفة والاستمرار في بناء المستوطنات ورفع الجدران والتخلي نهائيا عن حل الدولتين، وهو ما اتفق عليه العالم كله كأفضل الحلول العادلة لإنهاء الأزمة. وتكلم الرئيسان العراقي والتركي عن رفضهما للاستفتاء المعلن من قبل الرئيس مسعود برازاني من أجل استقلال دويلة كردية جديدة وسمع العالم أيضا كلام الرئيس محمود عباس يخبر الرأي العام الدولي بأن الصبر الفلسطيني نفذ وهدد بتوخي طرق أخرى غير مسار أوسلو ومدريد الذي سدته السياسات الإسرائيلية بالمراوغة واستعمال القوة وتشويه معالم القدس الشريف حين قال: إن تحويل الخلاف إلى صراع ديني هو الخطر الأكبر.. ولا ننسى أيضا ما صدر عن الرئيسين الياباني والكوري الجنوبي من قرع طبول الحرب في حال تواصل استفزازات (بيونج يانج) بتجريب صواريخها البالستية العابرة لفضاء جيرانها وتطوير برنامجها للتسلح النووي. هذه المؤشرات جميعا تؤكد أن شيئا ما في العالم تغير وأن البشرية تعيش حالة من التوقعات للأسوأ وانتظار اشتعال شرارة من هنا أو هناك تؤذن لا قدر الله بحروب إقليمية لعلها تصبح حربا كونية ثالثة لن تبقي ولن تذر. الحضارة بأسرها معرضة للانقراض إذا ما صدقنا كل تلك التهديدات واستسلمنا لمنطق العنف والعنف المضاد. إلا أن صوتا مختلفا جاء من دولة قطر على لسان صاحب السمو أميرها يدعو إلى توخي قوة الحق ضد حق القوة، ويحلل بمنطق مختلف كل الأزمات الإقليمية والعالمية التي تنذر البشرية، وينادي باستعمال العقل والحكمة والعدل في حل أزمات العالم الراهنة ومن بينها ما يسمى أزمة الخليج والتي تعني هذه المرة ذلك الحصار الجائر المضروب على بلاده منذ الخامس من يونيو، فكان هذا الصوت بالغ التأثير قوي الحجة باعثا على التمسك بخيط ولو رفيع من التفاؤل معولا على ما في الإنسان من نزوع نحو الأمن والسلام والخير. جاء صوت سمو الأمير جهوريا صادقا بلا رتوشات ليحلل القضايا الحارقة المطروحة على ضمائر البشر وأولها الظلم المسلط على دولة قطر وشعبها وشعوب إقليم الخليج انطلاقا من استعمال مدلس، وبناء المواقف على باطل وهو ما أطلق عليه سموه نوعا من الغدر. كما أن الأمير أدان بوضوح وصراحة ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وضد السلام، فكان الموقف القطري على لسانه هو الذي يسمي العدوان عدوانا ويطالب المجتمع الدولي أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية، وقد لاحظنا أن لقاءات تم ترتيبها في القاهرة بين طرفي الحكم الفلسطيني كأنما جاءت هذه المبادرات المصرية الإسرائيلية من عدم! الحقيقة أن الوفاق بين السلطة وحماس بادرت به وأنجزته وساطة قطرية كريمة منذ 2011 وعززه سمو الأمير الشيخ حمد بتمويل إعمار غزة وعقد لقاءات عديدة في الدوحة بين الأخوين ثم كسر الحصار فأدى زيارة تاريخية إلى القطاع بجرأة ونبل أخلاق ومحبة خالصة للشعب الفلسطيني يوم 23 أكتوبر 2012. كان صوت سمو الشيخ تميم في هذا المنتدى صوت السلام وهي الدبلوماسية القطرية بامتياز رغم كل طبول الحرب.