01 نوفمبر 2025

تسجيل

" أمي " .. في رحاب الله

25 سبتمبر 2016

ترددت كثيراً قبل أن أكتب مقال هذا الأسبوع فهو الأصعب على نفسي منذ بدأت الكتابة المنتظمة قبل أكثر من عشرين عاماً ، لأنه مقال عن فقد أمى التي أصبحت في رحاب الله الأسبوع الماضي. والحق أقول إن للموت جلالا ورهبة عظمى، ولفقد أعز الناس صدمة ما بعدها صدمة ، وحزنا لا يوازيه حزن ، ومهما كتبت لن أستطيع أن أحكي سيرة أم وهبت نفسها وعمرها لتربية أبنائها وتحملت كثيراً من أجلهم وبذلت كل غال ونفيس ، لذا فمهما نبذله من أجلها لا يساوي نقطة في بحر عطاياها ، وندعوالله العزيز الغفار أن يجعل ذلك في ميزان حسناتها.ولأننا صابرون مؤمنون محتسبون ولنا في رسولنا الكريم صلوات الله عليه وتسليماته في حزنه أسوة حسنة ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، وكان ظِئْرًا لإبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبَّله وشمَّه، ثم دخل عليه بعد ذلك وإبراهيم يجودُ بنفسه، فجعلتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان! فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) ، رواه موسى عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلموالله إننا نقول ومنذ الصدمة الأولى "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وأعرف أن المقام مقام صبر ودعاء وإنني أكتب اليوم ليس عن أمي وحسب وإنما أكتب عن الصبر وعن رحاب الله الواسع ورحمته التي وسعت كل شئ فهو الرحمن الرحيم الغفور الودود.وأدرك جيداً إنه لا يبقى للميت من دنيانا الفانية سوى الدعاء والصدقة الجارية وعلم ينتفع به وأورد حديثا جميلاً ورد في سنن أبي داود عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله : هل بقي من بر أبويّ شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم الصلاة عليهما والإستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما".أمي إن رحلتي ،،، ستبقين حية في قلوبنا ، وأنا هنا على الملأ أعدك يا أمي الغالية بصلة رحمك وإكرام أصدقائك وجاراتك والإستغفار لك ليلاً ونهاراً ما حييت والدعاء لك في كل صلاة.- فاللهم إغفر لأمي عدد خلقك واغفر لها مداد كلماتك واغفر لها زنة عرشك واغفر لها رضا نفسك برحمتك يا أرحم الراحمين.- اللهم ثبتها عند السؤال ، وإغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقي الثوب الابيض من الدنس.- اللهم إني أسالك بإسمائك الحسنى وصفاتك العليا وبإسمك الطاهر الأعظم أن تتقبل منا دعاءنا بقبول حسن وأن تجعله خالصاً لوجهك الكريم- اللهم إني أسالك لها الدرجات العلى من الجنة آمين ، وأدخلها الجنة آمنة مطمئنة وقريرة العين ، وأسألك لها العتق من النار يا أرحم الراحمين.- اللهم يمنْ كتابها ، ويسر حسابها ، وثقل بالحسنات ميزانها ، وثبتها على الصراط أقدامها ، وأسكنها في أعلى الجناب بجوار حبيبك المصطفى عليه أفضل الصلاة السلام. ربي إن أمي الغالية بجوارك الآن اللهم آنس وحشتها ونور مرقدها ووسع مدخلها وأكرم نزلها وانزل عليها السكينة والثبات واجعل قبرها روض من رياض الجنة.قرائي الأعزاء في هذه المحنة التي مررت بها اتضحت لي أمور كثيرة فعرفت فيها معادن الناس ، فعرفت من هو الصديق ومن السند والعضيد ومن هو عابر السبيل ، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلاماً على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، اللهم ارحم جميع موتى المسلمين اللهم آمين.