13 سبتمبر 2025
تسجيلالتفاؤل هو الأمل والفرح المستقبلي والنظرة الإيجابية لكل شيء وهو قدرتنا على تحمل مصاعب اليوم أملا منا بغد أفضل، فالأمل والرجاء خلق من أخلاق الأنبياء وهو الذي جعلهم يواصلون دعوة أقوامهم إلى الله دون يأس أو ضيق أملا في الهداية والصلاح، فهو الطاقة التي يودعها الله في قلوب البشر لحثهم على تعمير الأرض بالبناء والزرع والعمل الجاد المخلص، فالتفاؤل هو النور الذي يضيء لنا طريقنا في الظلماء ويساعدنا بأن نعيش حياة ملؤها المحبة ويجعلنا نحقق أحلامنا وآمالنا، وأن ننظر للحياة بعيون عاشقة وحالمة بما هو أفضل بحياة كريمة هانئة كلها أنوار ورضا بقضاء الله وقدرة، بعيدة كل البعد عن اليأس والتشاؤم، لذا يعلمنا الهدي النبوي أنه إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة واستطاع أن يغرسها فليغرسها. قد يقول البعض إن طباع الإنسان ثابتة لا تتغير وأن أخلاقه لا تتبدل، بهذا الكلام يلغي إمكانية الإنسان لإصلاح نفسه ويلغي جدوى التربية ويلغي عمل المصلحين، يجب أن تعتقد أن الإنسان يمكن أن يتغير تغيرا جذريا، وقد يؤخذ هذا من أن الله تعالى يبدل سيئات التائب إلى حسنات لأنه يتغير إلى الأفضل، فقد يكون جبانا ويصير شجاعا، أو بخيلا ويصير كريما أو محسنا ويصير مسيئا، فالطبع في الكافر تشاؤم وفي المؤمن تفاؤل، مهما ألقيت على أذن إنسان من خبر طيب، وهو متشائم ينفي ذلك ويقول لك أنت لا تعرف شيئا الأمر أسوأ من ذلك بكثير فهذا التشاؤم واليأس أن ينظر للعالم بمنظار أسود، وكلما لاحت بشائر انفراج يغلقها لك وكأنه شامت، وكأنه يتشفى منك إذا ألقيت على مسامعه خبرا طيبا، لهذا فإن الإنسان الإيجابي هو الذي يقبل على الحياة بقلب مشرق ونفس راضية فالإخلاص عنوانه والإتقان سبيله، فله أمنياته وطموحاته التي يحقق بها الإنجازات التي تجعله ناجحا في حياته لذا فهو جميل يرى الوجود جميلا، ما أجمل أن ترتبط النفوس بالخير وتنعقد عليه همتها، وما أجمل أن تتفاءل بالأحسن لتجده بعون الله ورحمته ولطفه، فانشراح الصدر بالخيرات من أعظم أسباب استقرار النفس، الأمر الذي يضعها على جادة الاستفادة والإفادة، فمن حسنات التفاؤل أنه دليل حسن ظنك بالله عز وجل ويجلب السعادة إلى النفس والقلب، وفي الفأل الحسن تقوية للعزائم وانطلاقا إلى الأمام وباعثا على الجد والأمل فلولا الأمل لبطل العمل. فمن المعلوم أن الأمل يدفع الإنسان إلى العمل ولولاه لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومواجهة مصائبها وشدائدها ولأصبح يحرص على الموت، لكن المسلم الحق لا ييأس من رحمة الله لأن الأمل في عفو الله هو الذي يدفعه إلى التوبة واتباع صراط الله المستقيم فقد نهانا الحق سبحانه عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، وأمرنا بالإخلاص في العمل لكي يصل المرء إلى مبتغاه في الحياة الدنيا وفي التفاؤل أيضا اقتداء بالسنة المطهرة، وأخذا بالأسوة الحسنة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاءل في حروبه وغزواته وفي شأنه كله، والتفاؤل يوحد قوة الروح وقوة الجسد ومن استقرار الروح تزدهر الصحة النفسية التي ترتبط غاية الارتباط بقدرة الشخصية على التوافق مع نفسها ومجتمعها الذي تعيش فيه، وهذا يؤدي إلى التمتع بحياة هادئة سوية مليئة بالحماس وخالية من الأسى والاضطراب والتشاؤم، فالتفاؤل أن يرضى المرء عن نفسه وأن يتقبل ذاته كما يتقبل الآخرين، وتغيب عن سلوكياته اضطرابات التوافق الاجتماعي أو السلوكيات الشاذة، بل يسلك في تصرفاته السلوك المعقول المتسم بالاتزان والمتصف بالإيجابية والقدرة على مواجهة المواقف ومجابهة المشاكل التي تقابله في مختلف نواحي حياته، فلابد أن يدرك الجميع أن الأمل هو انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات والنظر للفرج واليسر وهو الضوء الذي نراه عندما يحل الظلام، وهو الذي يدفع الإنسان إلى إنجاز ما فشل فـيه من قبل، ولا يمل حتى ينجح في تحقيقه لأن الأمل محله نور القلب الذي سببه الإيمان كما أن التفاؤل يكسب المرء القدرة على تجاوز الأفكار السلبية وكسر حلقاتها وتغيير اتجاهها، وتنمية الأفكار الإيجابية والارتفاع بالقدرات الكامنة فينا كي لا نقع في براثن الإحباط والتشاؤم، والتفاؤل مسلك يفرضه الإيمان بالله والرضا بقضائه وقدره، أما التشاؤم فلا يستقيم مع صريح الإيمان، وعليه فإن تحول المتشائم إلى متفائل ممكن إذا تمت له الهداية واتبع الطريق الصحيح بعد التوكل على الله، ولا شيء مستحيل أمام هذا التحول إذا صدقت النوايا وحسنت ثقتنا في المولى عز وجل، فكن متفائلا وابتعد عن التشاؤم وابتسم فإن الحياة لك ولمن حولك.