22 نوفمبر 2025
تسجيلعيسى عليه السلام ليس له قوم! دقة لغوية متميّزة تتجلى في كتاب الله تعالى.وكل كلمة جاءت في موضعها الدقيق. وكل كلمة في كتاب الله لها مدلول قوي يناسب مقام الآية..في قصص الأنبياء نجد أن كثيراً من الأنبياء خاطبوا قومهم بكلمة ياقومِ.فنوح يقول: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ" [الأعراف: 59].وهود عليه السلام يقول لقومه: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ" [هود: 50].وكذلك صالح عليه السلام يقول لقومه: "وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ"[هود:61]ولوط كذلك: "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ" [الأعراف:80]وموسى عليه السلام ينادي قومه في كثير من الآيات بقوله: "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ" [البقرة: 54].وكما نعلم أن موسى أُرسل لبني إسرائيل..ولكن ماذا عن عيسى وقد أُرسل إلى بني إسرائيل أيضاً؟الحال يختلف مع سيدنا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، فلا توجد أي آية في القرآن تجمع كلمة (عيسى) أو (المسيح) مع كلمة (قوم).. فكان يخاطبهم بقوله: يا بني إسرائيل دائماً من دون أي ذكر للقوم. "وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ" [المائدة: 72]."وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ" [الصف: 6]...وهكذا في كل القرآن لا نجد ذكراً لقوم عيسى!والآية الوحيدة التي ذكر فيها سيدنا عيسى مع كلمة (قوم) هي: "وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ" [الزخرف: 57].وكلمة (قَوْمُكَ) هنا لاتدل على قوم عيسى، بل قوم محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الخطاب في هذه الآية للنبي الكريم!!أي أن عيسى ليس له قوم! ماهو السرّ؟إن نسب الإنسان يكون دائماً لأبيه، فالأب ينتمي لقبيلة أو قوم أو بلد.. وكذلك فإن الابن ينتمي لنفس القبيلة أو القوم أو البلد. فسيدنا نوح ينتمي لأب من قومه؛ ولذلك نُسب إليهم، وسيدنا إبراهيم ينتمي لأبيه آزر من قومه فنُسب إلى قومه، وهكذا. وهنا نتساءل: لمن ينتمي سيدنا المسيح؟طبعاً لا ينتمي لأي قوم لأنه وُلد يمعجزة وجاء إلى الدنيا من غير أب!!ولذلك من الخطأ أن يقول المسيح لبني إسرائيل: ياقوم!!وكان لابد أن يناديهم بقوله: يا بني إسرائيل.. وهذا مافعله القرآن. ولا توجد آية واحدة تشذّ عن هذه القاعدة. لو تحدثنا بنفس المنطق وطرحنا السؤال التالي: ماذا عن آدم عليه السلام ونحن نعلم أنه جاء من غير أب ولا أم بل خلقه الله من تراب، هل ذكر القرآن قوم آدم؟بالتأكيد لا يوجد أي ذكر لقوم آدم، فلو بحثنا في القرآن كله لا نجد أي آية تتحدث عن قوم آدم، بل الآيات تتحدث عن بني آدم وهذا من دقة القرآن الكريم وإحكامه.إذاً جميع البشر لهم قوم باستثناء نبيين كريمين: آدم وعيسى عليهما السلام.وسؤال جديد: هل أغفل القرآن هذه الحقيقة: حقيقة عيسى وآدم؟أكيد لم يغفل، فقد ذكر القرآن هذه الحقيقة في آية كريمة يقول تعالى فيها: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" [آل عمران: 59]هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي يجتمع فيها اسما آدم وعيسى معاً.فانظروا إلى دقة هذا الكتاب العظيم.