14 سبتمبر 2025
تسجيلحرب غزة هذه المرة تختلف عن سابقاتها من الحروب التي شنتها إسرائيل ضد القطاع والمقاومة الفلسطينية، من عدة زوايا. لعل الزاوية الأولى التي بات يدركها الجميع وفي المقدمة منهم إسرائيل، أن نهايتها باتت معروفة وهي الانتصار الاستراتيجي للمقاومة على حساب تل أبيب التي أظهرتها الحرب كدولة عجوز لا تستطيع حتى وضع خطة عسكرية لمواجهة طوفان المقاومة الذي شمل كل الأراضي الإسرائيلية بأنواع شتى من المفاجآت العسكرية. وثاني زوايا الاختلاف في هذه الحرب أن المقاومة أعلنت منذ بدايتها أنه إذا كانت إسرائيل تملك قرار بدء الحرب فإن المقاومة هي من تملك قرار إنهائها، وهو الحادث الآن بالفعل، فإسرائيل تتسول عبر عملائها في مصر ودول عربية أخرى، قرار وقف إطلاق النار والمقاومة ترفض إلا بعد الموافقة على شروطها التي تعني إنهاء القدرة الإسرائيلية على التحكم في المشهد الفلسطيني.ولعل رفض المبادرة المصرية يأتي في هذا السياق، لأن المبادرة كما قال أحد قادة المقاومة، صيغت بعقلية الهزائم العربية في مواجهة إسرائيل، في حين أن ما يحدث هذه المرة هو نصر استراتيجي كبير، وبالتالي فإن ترجمة هذا النصر إلى عالم السياسة يتطلب مبادرة لوقف إطلاق النار تتضمن شروط المقاومة.أما زاوية الاختلاف الثالثة فتتمثل في أن الوسطاء الإقليميين ما عادوا يستطيعون لعب الدور الذي كانوا يلعبونه كل مرة على اعتبار أنهم رعاة القضية الفلسطينية في ظل عدم وجود ممثل حقيقي أو لاعب فلسطيني قادر على اللعب بندية أمام إسرائيل. لكن هذه المرة أصبح هناك ند لإسرائيل قادر على اللعب بمهارة، بل والفوز بالمباراة، وهو ما يعني أن الوسيط بين الطرفين يجب أن يكون دوليا هذه المرة وليس إقليميا.وقد رأينا ذلك في المبادرة التي طرحتها المقاومة خلال اليومين الماضيين وحملتها دولة قطر إلى الوسيط الدولي وهي الولايات المتحدة التي اشترطت عليها المقاومة في مبادرتها أن تكون الوسيط والضامن، لأنها تعلم جيدا أنها جزء من المعركة الدائرة الآن في غزة وبالتالي يجب أن تكون أحد الموقعين والضامنين لهذه المبادرة الموجهة بالأساس إليها على اعتبار أنها الضامن لإسرائيل وأمنها.وتطرح المبادرة شروطا لوقف إطلاق النار تؤدي إلى تحقيق استقلال حقيقي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967 وهي الضفة والقطاع في ظل وقف كامل لأنشطة ودور إسرائيل السياسي والأمني في هذه الأراضي لفترة زمنية تصل لعشر سنين.والملاحظ بشأن هذه الفترة الزمنية الطويلة للهدنة التي تطرحها المقاومة أن الهدف منها هو الاستعداد للحرب القادمة والتي ستكون حرب التحرير الكاملة لأراضي فلسطين من البحر إلى النهر وهو ما يعني زوال إسرائيل إلى الأبد. وهذا ما أشار إليه صراحة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام في خطابه الثاني حينما أكد أن المعركة الحالية هي المعركة التي تسبق معركة التحرير الكاملة من احتلال الكيان الصهيوني. فهل سيكون عام 2024 هو موعد تحرير فلسطين وزوال إسرائيل؟ أم أن هناك مفاجآت جديدة في جعبة المقاومة؟