17 سبتمبر 2025

تسجيل

كوارث البيوت

25 يوليو 2014

إن الإنسان في رمضان لابد وأن يعلم أن عليه مسؤولية، ينبغي أن يؤدي ما عليه من واجبات حتى يكتب عند الله من السعداء، فمسؤوليتنا نحو أبنائنا وأزواجنا عظيمة والحذر من التقصير فيها، فالبشرية كلها قديمها وحديثها، أجمعت على أن الولد ثمرة الفؤاد وريحانة القلب وبهجة الحياة، وجذور الإنسان التي تمتد ولا تذبل إذا ذوي أو انطفأ، يكون فيه للإنسان امتداد، لذا لا يماري أحد في أن الرغبة في الولد فطرة إنسانية ثابتة راسخة في حياة الإنسان، فما أحوج أبنائنا في هذه الفترة العصيبة من تاريخ أمتنا إلى مثل عليا، وقدوة صالحة يتخذونها نبراسا يهتدون بها في حياتهم الخاصة والعامة، وتاريخ سلفنا الصالح حافل بهذه المثل التي نمر عليها في قراءتنا من دون وعي ولا تأسٍ ولا اهتداء، كأنما نقرأ للثقافة فحسب، وما جدوى الثقافة والمعلومات إذا لم يكن لها أثر في توجيه شباب الأمة إلى خير العمل وعمل الخير في هذه الحياة.وإن من أعظم الأفكار التي كانت تصاحب البشرية على امتدادها هي تنشئة الإنسان تنشئة صحيحة وتربيته تربية سليمة قويمة ووضعه الموضع الصحيح المريح من هذا الكون بأحيائه وجماداته في حاضره ومستقبله، لذا تعد الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية في اكتساب الأبناء لقيمهم، فهي التي تحدد لأبنائها ما ينبغي أن يكون من التمسك بالأخلاق والدين والتعامل مع الآخرين، ولكنه هدف كبير يحتاج إلى التخطيط له والاحتفاء به ووضعه نصب العين. إن النفس البشرية عميقة وتحتاج إلى جهود كبرى لفهمها والتوصل إلى المعاملة المثالية معها، فلقد أدرك الغرب أنه تقدم كثيراً في مجال المادة والتقنية والصناعة ولكنه فشل في إدراك أسرار هذه النفس البشرية التي حار الفلاسفة على مر العصور على فهمها وإدراكها، والحياة الزوجية ارتباط بين فردين وأسرتين في أسمى رباط بشري سماه الله عز وجل باسم الميثاق الغليظ، ألا يستحق هذا الميثاق الغليظ جل الاهتمام والبحث عن مواطن سعادته وبيانها، لأنه يؤسس لنا المؤسسة التربوية الأولى، وتعتبر الأسرة هي الثمرة الطبيعية للزواج، فإن لها الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي وبعث الحياة والطمأنينة في نفس المرء، فمنها يتعلم ويكتسب بعض القيم والاتجاهات، وقد أسهمت الأسرة بطريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس ولها يرجع الفضل في تعلم الإنسان، واكتساب المهارات والقيم وقواعد الآداب والأخلاق، فالمرأة الشق الثاني للرجل، فهي ضالته التي استحوذت على كل تفكيره وشغلت قلبه وعقله، يجتهد ويجمع كل قواه في البحث عنها ويسلك كل الطرق التي توصل إليها، فهي التي تجعله في وفاق مع نفسه ومع الكون وتحقق له الرضا والطمأنينة بما يخلف عليه سعادة دائمة، فمع ما يتعرض له الرجل في خضم بحر الحياة من ضغوطات وهموم ومع التوتر الذي خلفته الظروف المعاصرة زاد إلحاح الرجل لإيجاد امرأة تعينه وتكون الشطر الثاني له، تقف بجواره وتشد من أزره وتهدئ من وتيرة الحياة وتؤمن له الاستقرار والهدوء الذي يبحث عنه، زوجة تمنحه الحب والحنان والعبقرية والنجاح.إن انشغال كل من الزوجين بالتواصل ونسيان مهمتهما الأساسية في تربية الأبناء ومراقبتهما لهم وزرع القيم في نفوسهم أدى إلى أخطار جسيمة تهدم البيوت وتحطم الأسر. خلاف بين الزوجين وكثرة الانشغال والرد على الرسائل وتقليد الأصحاب وغير ذلك من الأخطار لآفة عظمى من آفات التواصل، فاضطراب الحياة المعاصرة وتشعباتها وتوترها وانشغال المرء بها أدى إلى كوارث في هذه الحياة، أولها انتشار الطلاق وهدم البيوت، وتشريد الأطفال وتكوين أجيال من الشباب والفتيات الذين لم يعيشوا حياة أسرية مستقرة، فتوجه منهم من توجه إلى الجريمة بأنواعها والمخدرات وضياع الوقت، لذلك تعد الأسرة السليمة اللبنة الأساسية في أي مجتمع، لذا فإن التعرف على الأبعاد الأساسية السائدة داخل الأسرة يعطينا مؤشرات واضحة نحو أساليب اكتساب القيم والعادات والمحافظة على المعتقد الديني وانتقاله من الآباء إلى الأبناء.