16 سبتمبر 2025

تسجيل

ستون سنة على ثورة يوليو 1952

25 يوليو 2012

يتحدث المختصون عن الحرباء، قائلين إنها من الحيوانات المدهشة، لأنها تستطيع أن تغير لونها وفقا للمكان الذي تتواجد فيه، أما شجر اللبلاب فإنه ضعيف وهزيل، ولهذا يعتمد على سواه من الأشجار القوية القريبة منه لكي يبدو عالي القامة، حيث يقوم بتسلق جذوعها والالتفاف حولها، وفي حياتنا اليومية – نحن البشر – يمكننا أن نرصد الحربائيين الذين يتلونون، لكي يظلوا محافظين على مصالحهم، مشروعة كانت أو ممنوعة، خلال كل الفترات التي قد تختلف فيما بينها إلى درجة التناقض والتعارض، كما نستطيع كذلك أن نشاهد ضعاف النفوس، وهم يتسلقون على جهود سواهم، بعد أن يتملقوهم ويداهنوهم ويتظاهروا بأنهم من أخلص المخلصين لهم! أتيح لي – بحكم أني واحد من المخضرمين - أن أشهد، وأنا صبي صغير، ميلاد ثورة 23 يوليو1952 المجيدة، بقيادة بطلها الحقيقي الزعيم جمال عبد الناصر، وكنت واحدا ممن يشعرون بروعة الانتصارات التي تحققها هذه الثورة المجيدة ضد أعدائها داخل مصر وخارجها، كما كنت واحدا ممن يتجرعون مرارة الانكسارات إذا استطاع أعداء هذه الثورة أن ينتصروا عليها في معركة من المعارك التي لم تكن تخمد إلا لكي تتوقد وتتجدد، ولكني – من ناحية أخرى – كنت أتابع تقلب أمواج الطبائع البشرية، من خلال ما كان الكتاب والإعلاميون يكتبونه ويقدمونه في بدايات ثورة 23 يوليو المجيدة، ولو أننا تابعنا تلك الكتابات فإننا نستطيع التعرف – بكل سهولة – على الكتاب المتلونين الذين كانوا يتظاهرون بحبهم العميق للملك فاروق آخر ملوك أسرة محمد علي باشا، وسرعان ما انقلبوا عليه، لكي تصبح ألوانهم الجديدة متناسبة مع ألوان الثورة، ولكي يتظاهروا بأنهم كانوا مقهورين خلال العهد الملكي، وبأن لهم بطولات عجيبة في مواجهة الفساد في زمان حكم الملك فاروق! ظل هؤلاء المتلونون يتلونون بعد رحيل جمال عبد الناصر عن عالمنا، حيث أصبحوا – بقدرة قادر – ساداتيين عندما حكم أنور السادات مصر، وأصبحوا مباركيين عندما جاء حسني مبارك للحكم بعد اغتيال السادات، ولكنهم لم يتوقفوا عند هذا الحد، وإنما غيروا ألوانهم لكي تتسق وتنسجم مع ما جرى في مصر ابتداء من يوم 25 يناير 2011 وإذا كان المتلونون قد تلونوا فإن اللبلابيين استطاعوا بكل ما أوتوا من مكر وقدرة على التسلق، أن يصبحوا هم رواد الثورة الجديدة وأبطالها وحماتها، وقد اندفع المتلونون واللبلابيون في آن واحد للتهجم السخيف على الشرطة في باديء الأمر، ثم على جيش مصر العظيم بعد ذلك، وحين أطلت الذكرى الستون – 23 يوليو 2012 – لانبثاق شمس ثورة يوليو المجيدة، اندفع هؤلاء من جديد لمحاولة تشويهها والإساءة إلى بطلها الحقيقي الزعيم العظيم جمال عبد الناصر! فيا أيها المتلونون .. غيروا ألوانكم كما تشاؤن، وياأيها اللبلابيون.. تملقوا كما يحلو لكم لكي تستطيعوا أن تتسلقوا أكثر وأكثر، وياأيها المتنمرون .. عليكم أن تدركوا أنكم مجرد نمور من ورق، وأن بسطاء مصر بوعيهم الفِطْري الصادق سيكتشفون سوء نياتكم بالتدريج، وفي خاتمة المطاف لن يصح إلا الصحيح .