27 أكتوبر 2025

تسجيل

من عاهد وغدر

25 يونيو 2016

وإذا ذكرنا الأمانة وأهلها لنتشرف بها ونعمل بآدابها لزم أن نذكر ما يضادها ويعارضها وهي الخيانة تحذيرا منها ومن مآسيها ومراتعها في الدنيا والآخرة . الخيانة هي التفريط في الأمانة . والتفريط فيما يُؤتمن الإنسان عليه .وهي الغدر وإخفاء الشيء . وهي من كبائر الذنوب ، لأن الله تعالى في الحديث القدسي توعده الوعيد الشديد .فقال : ثلاثة أنا خصمهم ،رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حراًفأكل ثمنه،ورجل استأجر أجيراً ،فاستوفى منه ،ولم يعطه أجره . رواه البخاري . والخصم هو المنازع والمغالب . فمن ذا الذي ينازع الله تعالى أو يغالبه ، وهؤلاء الثلاثة الرجالُ اللهُ جل جلاله هو خصمهم ومنازعهم يوم القيامة ، الأول : عاهد عهداً وحلف بالله ثم نقضه ،يعني : تعهد للناس . قال : لكم عهد الله ميثاقه أنني أوفيكم حقكم أو دينكم أو حاجتكم في يوم كذا وكذا ثم غدر وخان وكذب . والثاني : استأجر أجيراً ليعمل له فلما استوفى العمل المطلوب منه لم يُعطه حقه أو أجره ،فكأنه اكل ماله سُحتاً . والثالث : باع حراً ،ثم منعه التصرف فيما أباح الله له ، وألزمه الذُل الذي أنقذه الله منه . ،وكان ينبغي عليه أن يطلقه حراً يتصرف بحريته لكنه منعه . حذر الله تعالى ورسوله من الخيانة حذّر الله الخائن بأنه سبحانه لا يحبه . فقال : إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ . والخوان صيغة مبالغة . وقال : إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ . وهذا أكبر بلاء يقع على الأنسان وهو أن الله يبغضه أو لا يحبه ،ومعناه أن كل شيء سيبغضه . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ قَالَ فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ .رواه مسلم وقال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ . وحذر رسول الله من الخيانة وأخبر بأن الخائن منافق . فقال : أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خَصْلَةٌ منهن كانت فيه خَصْلَةٌ من النفاق حتى يدعها :إذا اؤتمن خان ،وإذا حدث كذب ،وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر .