19 سبتمبر 2025

تسجيل

صديقي المرشح لرئاسة فرنسا

25 أبريل 2017

سيصوت الفرنسيون يومي الأحد على أسبوعين تباعا لاختيار رئيسهم القادم بين أحد عشر مرشحا مختلفين و يمثل كل واحد منهم تيارا سياسيا و ايديولوجيا له مريدوه أو لديه خزان أصوات يؤهله للفوز في الانتخابات وهم الذين تمكنوا دستوريا من الترشح باكتساب خمسمائة تزكية من نخبة أسماء منتخبين وهو امتحان عسير. و كما تعلمون فالتشكيلة الرئاسية تتركب من عشرة رجال و امرأة ينتمون لقوس قزح سياسي متعدد الألوان يتراوح بين يمين معتدل و يسار معتدل و لكن أيضا بين أقصى يمين متطرف و أقصى يسار متطرف و تلك في الحقيقة مؤشرات ديمقراطية أقرب ما تكون للعدل السياسي و إتاحة الفرصة أمام الناخب لاختيار من يعتقد أنه الأفضل لقيادة سفينة الجمهورية نحو التقدم و الرخاء. و للعلم حسب استطلاعات للرأي أن أولوية الفرنسيين في هذه المحطة الحاسمة هي الأمن خاصة و قد عاشت باريس في قلبها النابض (جادة الشانزيليزيه) مساء الخميس الماضي هجمة إرهابية منعزلة هزت المجتمع و أعادت هاجس الأمن إلى قمة الاهتمامات الشعبية. ربما سيكون لهذا العمل الإرهابي البائس و الإجرامي تأثير و لو جزئي على مسار الانتخابات بالزيادة في حظوظ اليمين المتطرف سببه الانفعال السريع بالحدث الإرهابي و البحث عن مرشح يميني يرفع شعارات الأمن فوق كل اعتبار مع ما يتبع هذا الموقف من إدانة للهجرة و المهاجرين و الخلط المقصود بين المسلم المسالم و المجرم المهاجم. لكن المتأمل في الأحد عشر مرشحا لا بد أنه لاحظ من بينهم رجلا سياسيا هادئ الطبع رصين التعبير قليل الغضب معتدل الحماس اسمه (جاك شوميناد) وهو المرشح في الرئاسيات للمرة الثالثة دون أن يطمح للفوز لأسباب عديدة منها أنه صوت يغرد خارج السرب ينادي بتغيير جذري في منظومة الحكم و في النظام العالمي الأطلسي الجائر و يضع وطنه فرنسا في فلك أوروبي و دولي جديد. تربطني بالسيد شوميناد علاقة صداقة متينة و صادقة و مستمرة منذ مطلع الثمانينات حين بدأنا معا مشوارنا السياسي و كنت أنا أحد المسؤولين من الصف الثاني في الحزب الدستوري الحاكم (عضو اللجنة المركزية للحزب و عضو في البرلمان و رئيس تحرير صحيفة الحزب الناطقة بلسانه مع الزعيم بورقيبة) و كان هو في باريس بصدد تأسيس حزب سياسي يحمل اسم (التضامن الجديد: نوفيل سوليداريتيه) و لفت نظري حين تابعت برنامجه السياسي أن الأمر يتعلق بمشروع حضاري كامل يدعو إلى تثوير عميق للعلاقات الدولية على أساس العدل و التعاون الاقتصادي و إلحاق الشعوب الفقيرة بركب التقدم و إقناع الغرب أن مصيره مرتبط جدليا بحالة العالم الثالث و رهين مقاومة الفقر لدى الجميع و الحفاظ على صحة الجميع و ضرورة بناء الجسور عوض إقامة الجدران و التفكير في إعادة تفعيل طريق الحرير على الطريقة الصينية من أجل عالم أفضل لأنه سيكون أعدل و يجنب البشرية مخاطر الحرب و الدمار.