14 سبتمبر 2025
تسجيلإن الدين عند الله الإسلام لذا ختم الله به الرسالات وضمن الله له البقاء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأمر نبيه بتبليغه إلى الناس كافة وأمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحمل مشاعل الهدى على بقاع المعمورة ,فكان الصحابة نماذج فذة من البشر آمنوا به وصدقوه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه فكانوا من المفلحين في الدنيا والآخرة، فكثير من الشباب المسلم يحب أن يكون داعيا إلى الله ، ولكن من الملاحظ أن التوجيه المباشر بالدعوة إلى فعل معروف أو ترك منكر سواء بالحديث رغبة أو رهبة أو عن طريق الإجبار غير مجدٍ في كثير من الأحيان ,فعندما تـلقى على مسامع الناس خطبا رنانة ودروسا كثيرة ربما يتأثرون بها قليلا ولكن ماذا بعد هذا التأثر؟، للأسف في أغلب الأحيان لا يتجاوز دقائق معدودة وينسى بين ملاهي الحياة, أما الإجبار فيأتي بثماره في ظل مراقبة متصلة أما في حالة حدوث شيء من التراخي أو التغافل يأتي بما لا يحمد عقباه, إذاً فكيف نكون دعاة إلى الله ؟ فالصحابة الكرام وغيرهم من السلف الصالح بذلوا أنفسهم وأموالهم لنشر دعوة الإسلام والذود عنها فاستحقوا من الله عظيم الثواب وحسن المآب وحق لهم أن يخلد ذكرهم في قرآن يتلى إلى يوم القيامة ,فهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين جميعا وهم شموس أشرقت في سماء الإنسانية فأناروا الدنيا وملأوها عدلا ورحمة بعد أن ملئت جورا وظلما. فالرعيل الأول من دعاة هذه الأمة الذي رباه الرسول صلى الله عليه وسلم قد نشأ على مكارم الأخلاق وسمو الأعمال وعظم الأمجاد , فأيقظ الشرق وهز الغرب وانطلق إلى إنقاذ البشرية من الوثنية والهمجية والانحطاط وسار بالمؤمنين والمؤمنات في طريق المجد والعظمة وذلك بحسن السلوك والامتثال الجيد لأفضل الأخلاق ,فكان من أهدافه إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعتها وقد تم كل ذلك بسرعة عجيبة ،مما أدهش العالم بأسره ، إذ لا يتصور العقل البشري أن يحدث مثل هذا الإصلاح العظيم في أمة كانت تعيش في فوضى الجاهلية والوثنية وفي ظلمات بعضها فوق بعض فأصبحت خير أمة أخرجت للناس, فالشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله أصلح الله ظاهره للناس، كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ,فأين شباب اليوم من الدعوة بينما فعلهم يخالف قولهم ويظهرون خلاف ما يبطنون فكن داعية بالسلوك الحسن والمنطق الطيب والسيرة العادلة ، ىتجمع ولا تفرق واجعل من يراك يتمنى أن يكون مثلك ,فلا تكثر الكلام وتقلل من الفعل ، يعني لا تحدثه عن الإيمان اجعله يستشعره من النور الذي يضئ وجهك, لا تحدثه عن العقيدة واجعله يعتنقها بثباتك لا تحدثه عن العبادة واجعله يراها أمام عينيه ,لا تحدثه عن الأخلاق واجعله يحبها منك فكيف أصلى وأنا لم أر أحدا يصلى إلا و به خلل واضح أمام عيني ، هل تريدنى أن أصوم عن الطعام والشراب مع كم هائل من السباب والشتائم والكذب والغيبة أو أن انتقيت فأنى لم أر خيرا منهم فهم يظنون أنهم وصايا علينا وأن لا أحد يعرف الدين غيرهم غير مريحين بالمرة هل تريدنى أن لا أكذب أو أنافق وأنا أراه وسيلة مشروعة بما يسمى بالمجاملات ربما هناك أناس أخيار ولكنى لم التق بهم إلى الآن ولكنى أسمع عنهم في الحكايات . من أعظم نعم الله تعالى على العبد المسلم أن يجعل صدره سليما من الشحناء والبغضاء نقيا من الغل والحسد صافيا من الغدر والخيانة معافى من الضغينة والحقد ، لا يطوي في قلبه إلا المحبة والإشفاق على المسلمين .لقد سمع الناس الكثير حتى أنهم ملوا السمع وصار عندهم عادة ثقيلة إذا دعوا إليه أحسوا الملل واختلقوا الأعذار ,فآن أوان الصمت وحان أوان التطبيق العملي والفعلي والاتجاه لشيء إيجابي وهو الدعوة بالسلوك والأخلاق, فقد يضل الداعية الطريق عندما يكون كثير الكلام ؛ فيجب أن يكون أفضل المسلمين تطبيقا للعقيدة والعبادة والمعاملات ، فالناس من حوله لا يفتقدون المعرفة وإن أرادوا استزادوا ولكنهم يريدون تطبيقا واقعيا حيا أمام أعينهم عندها فقط ستأتى الدعوة بثمارها على طريق الجهاد والدعوة ، وقد شرفهم الله بالدعوة وأنعِمْ بها من شرف، إنه شرف نشر الدين إلى البرية جمعاء ، فلهم نصيب من حظنا جميعا في الإسلام ولهم أجرهم على دلالتنا إلى الخير ،فلهم علينا حق الذكر الحسن والثناء الجميل فإنه لا يخفى على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.