16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "مغامرة"، أظنها الصفة الصحيحة لمجموعة "الأنثى كنوع ـ أسرار مشوقة" بقصصها التسع، تلك الصفة التي أطلقها مترجما المجموعة: د.أمنية عامر، ود.محمد عبد السلام حسن، في المقدمة التي صدرا بها ترجمتهما، حيث يقولان: "إذا أردنا أن نرصد الخيط الذي يجمع هذه القصص التسع، فسنرى أنه يتلخص في كلمة "المغامرة"، أو بمعنى أصح الانسياق وراء مغامرة".المجموعة تحمل رقم 23 ضمن "سلسلة الجوائز" الصادرة عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب". ومؤلفتها "جويس كارول أوتس" حصلت على عدة جوائز اعتبارا من العام 1959 ـ أي قبل 4 سنوات من نشر مجموعتها الأولى في 1963.وإذا غادرنا المقدمة إلى القصص نفسها لتأكدنا من أننا أمام مجموعة مهمة بالفعل في مسيرة كاتبة تنسج ـ منذ نصف القرن ـ عالمها الإبداعي الخاص الذي تتسع فيه أجواء الغموض والإثارة لهموم المجتمع الأمريكي. ولوضع الرؤية التي تقدمها "أوتس" في إطارها الصحيح دعونا نتذكر أن مجتمع "الولايات المتحدة الأمريكية" هو جزء من "العالم الجديد"، الذي تأخر "اكتشاف" الرجل الأبيض له حتى نهايات القرن15، وبديهي أن البشرية كانت قد غادرت "زمن الأساطير" وأن البيض ذهبوا إلى "عالمهم الجديد" بطموحات "الثورة الصناعية" وأخلاق "العصر الاستعماري" بمزيج من المادية والوضوح لا مكان فيه للأساطير.جاء الرجل الأبيض إلى الولايات المتحدة الأمريكية من قارة تغادر أساطيرها، إلى قارة لا ينتمي إلى ما فيها من أساطير، ولا يحتاج الأمر إلى استخدام تعبيرات قيمية مثل "الخواء الروحي" للدلالة على المأزق الذي وجد "نفسه" فيه، ذلك أن الأسطورة ليست مجرد "خرافة" لكنها المعرفة البشرية في سياق مختلف، وطريق الإنسان لهدهدة مخاوف لا يقدر أن يواجهها. الأسطورة كالوقود الحفري لم تعد بيئة العصر قادرة على صناعتها، لكن الإنسان مازال في حاجة إليها، ومن هنا نعرف سر نجاح الأعمال الفنية التي تقوم على الخوارق وإعادة إنتاج الأساطير.من "الحاجة إلى الأسطورة" تنطلق "أوتس" في قصص تتخذ من "الأنثى" طفلة وامرأة، شابة وعجوزا، موضوعا. ولا تنس أن "الأنثى" كانت ـ دائما وبامتياز ـ البطل الأكثر أهمية لأساطير العالم القديم ـ منذ "إيزيس" العارفة الخصبة الساحرة ـ وأنها أيضا من كان عليه أن يدفع القسط الأكبر من ضريبة التقدم التقني، والنمو الرأسمالي وما أنتجا من سياقات اجتماعية، ولعل أول وأوضح ما أسفرت عنه هذه السياقات بالنسبة للمرأة هو تراجع تقدير "الأم" مع بقاء أعباء "الأمومة" وأحيانا زيادتها. وكرد فعل، نجد الأنثى في قصص هذه المجموعة عنيفة، ومقابل قدرتها غير المحدودة على "المنح" في أساطير العالم القديم، نجد قدرتها الفائقة على الأذى في قصص "أوتس"، مقابل "إيزيس" التي جمعت أشلاء "أوزوريس" نجد "دول" ـ الطفلة تقريبا والمراهقة بالكاد ـ التي تحول كل الرجال إلى أشلاء، والتي لا تنتظر "حورس" ولا أي طائر آخر للثأر، مفضلة أن تمارس انتقامها بنفسها، وهى تختار ضحاياها عشوائيا عبر خريطة مهترئة! كما نجد "كريستين" العمياء عن انحرافات رجلها الظاهرة وأكاذيبه. إنها في النهاية قاتلة تحمل مسدسا، وما أوسع الفارق بينها و"عشتار". أما "أفروديت". أو نموذج الجمال ـ فليست، كما تقدمها قصة "مهرجة في شارع ماديسون"، سوى دمية بلا اسم، صنعتها مساحيق التبرج وحقن الكولاجين والملابس الفاخرة، بحيث إنها تتحول إلى أشلاء دامية وقبيحة لو استردت بيوت الأزياء ودور التجميل ما يخصها من مكوناتها.