30 أكتوبر 2025

تسجيل

الوحشية في العراق.. منهج حياة ؟!

25 مارس 2015

ما يجري اليوم من فظائع دموية، وأهوال إنسانية، وتعديات مروعة على الحياة الإنسانية في الحرب الطائفية العراقية الراهنة، أمر لا ينفصل عن سياق شريط دموي مروع من الأحداث الدراماتيكية التي عاشها هذا البلد العربي المنكوب بأحزابه وجماعاته السياسية والطائفية منذ منتصف القرن الماضي. ففي يوم 14 يوليو 1958 فتحت بوابة الجحيم العراقي أوسع مداخلها حينما استبيحت في ذلك اليوم الساخن الأغبر كل الحرمات وتمت تصفية العائلة الهاشمية المالكة ونظام الحكم الملكي العراقي بطريقة وحشية دموية مروعة وعبر مجزرة بشرية غير مسبوقة في عوالم الانقلابات العسكرية في الشرق كانت عنوانا وإيذانا بولادة عراق جديد مختلف كليا عن ذلك الذي ولد بعملية قيصرية صعبة عام 1921 على أنقاض الحكم العثماني!. لقد سحلت الجثث ثم علقت على أعمدة الكهرباء، ونبشت القبور، وتم التعدي على كل الحرمات، وأنقسم الشعب العراقي لأول مرة في تاريخه المعاصر لشيع وأقسام ولكن للحقيقة والتاريخ ليس على أسس طائفية رثة كما هو الحال الحاضر، بل على أسس حزبية محضة ولكن وفق خلفيات طائفية واضحة لا تخطئ العين الخبيرة قراءة دلالاتها ومعانيها، وكما قلنا فتحت صنابير جهنم وبدأ عصر الانقلابات والتصفيات والاغتيالات حتى جاء عام 1963 ليشهد العراق انقلابا دمويا مروعا آخر ذهب ضحيته آلاف العراقيين بسبب الاستقطاب والصراع الدولي نتيجة للحرب الباردة والصراع بين التيارات الشيوعية واليسارية من جهة والقومية من جهة أخرى، حتى تطورت الأمور في العراق وفقا لمقتضيات الصراع الدولي على العراق والمنطقة بشكل عام ودخل الشعب في حالة لا علاقة لها بالتنمية والاستقرار واستثمار الموارد وتعزيز الوحدة الوطنية، بل انغمس في حالة عسكرة بفعل سنوات الحرب العراقية/الإيرانية الطويلة (1980/1988) والتي كانت مرحلة قاسية لم تؤسس نهايتها للأسف لسلام إقليمي ينهي دمار الحروب وخسائرها المروعة، بل كانت فاتحة جديدة لسلسلة من الحروب الكارثية بدأت مع الغزو العراقي للكويت عام 1990 وما رافقه وأتبعه من كوارث عسكرية واقتصادية واجتماعية وصولا لمرحلة الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق وتدمير الدولة الوطنية العراقية وتهشيمها بالكامل وفقا لنظرية الفوضى الخلاقة الكارثية والتي استحضرت في العراق وجوه رثة ومندرسة للفتنة الطائفية التي أطلت برأسها لتنبش خرافات القرون الماضية التي انتعش سوقها حديثا بشكل مدمر، ولن نستطرد في الوقوف طويلا أمام صفحات التاريخ العراقي المعاصر التي تحمل صورا سوداء أشد سوادا من قطع الليل المظلم، وإنما سنركز على كوارث المرحلة الراهنة وما أفرزته مرحلة ما بعد فتوى (الجهاد الكفائي) التي أسست لواقع طائفي تقسيمي دموي بعد أن ظهرت ومن خلال حرب تنظيم داعش صور مروعة لحملات ثأر طائفية بعد تحول الحرب ضد التنظيم ودخول النظام الإيراني على الخط بصورة مباشرة من خلال إدخال الميليشيات الطائفية العراقية التابعة للنظام الإيراني في قلب المعركة ولكن ليس لهدف القضاء على تنظيم الدولة بل لهدف مركزي آخر واستراتيجي يتمثل في إضعاف المؤسسة العسكرية العراقية واستبدالها بعناصر تلكم الميليشيات والتي هي النواة المؤسسة لمؤسسة الحرس الثوري العراقي التي يريد الإيرانيون تعميم تجربتها وتكرارها في العراق مما أدى في النهاية وخلال معركة تكريت الأخيرة لإيقاع خسائر كبيرة جدا بقوات الحشد الطائفية وحتى بقيادات الحرس الثوري التي خسرت 5 من كبار ضباطها خلال أسابيع من القتال وبما يعني بأن المشروع الإيراني في العراق ورغم حدة الهجمة الإيرانية يلاقي صعوبات ميدانية جمة، فالحرس الثوري أدخل أكثر من 30 ألف عنصر في العمق العراقي وقائد القوة البرية الإيراني أعلن رسميا عن توغل أربعة فرق عسكرية من الجيش الإيراني بعمق 40 كلم في العراق!!، وبما يعني بأن الحرب الأهلية في العراق باتت تحت الإدارة الإيرانية المباشرة.