29 أكتوبر 2025
تسجيلمَجْدُ الفنان وارتفاع شأوه مرهونان بقضية يؤمن بها ويدافع عنها ويكرس فنه لخدمتها وإظهارها.. وفنان بلا قضية لا نكهة له ولا طعم ولا لون ولا رائحة وربما مَرَّ دون أن يلتفت إليه أحد. وخلال حضوري لعرض المسرحية الجديدة "اللوحة" في مسرح قطر الوطني أول أمس والتي كتبها طالب الدوس وأخرجها محمد الشرشني، أحسست بهذا الموضوع، موضوع الفنان الذي يؤمن بقضية مهمة من خلال عدة لوحات أبدعها، كل لوحة تمثل له جزءاً من النفس البشرية.. هذا الفنان الذي اعتقد أن فنه وإبداعه بل وجنونه أوصلته إلى جنون العظمة لما قام به من إبداع، هكذا تصور أنه وصل للخلود!! حتى أنه عشق لوحاته وهمس إلى كل لوحة منها إلى أن يلتقي بإحدى الجميلات التي تصورها مؤكدة له أن ما رسمه لن يوصله إلى المجد ولا يصل به لدرجة الخلود..!!ومن خلال محاورة معها يرسم الفقر.. ويرسم الحزن.. ويكتشف شيئاً فشيئاً انه كان واهماً.. وأنه بعيد عن هذا العالم الذي يعاني كثيراً وتسيطر عليه قوى معينة تحاول أن تسخره لخدمتها.. فيجاهد ويبدع محاولاً أن يكون عند حسن ظن ما توهمه وما يحاول أن يوظفه من خلال فرشاته وألوانه المعبرة عن واقع أليم يعيشه البعض في هذا العالم.وهكذا تدور أحداث مسرحية "اللوحة" التي اجتهد فيها ممثلوها في أداء أدوارهم رغم بعض المشاهد التي باتت بطيئة الإيقاع رغم الوهج الفني الذي مثله المشهد ككل والذي تمثل في محاورات الفنان الرسام وبين البطلة.محمد عفيف استطاع أن يؤدي دوره المرسوم بقدرته التمثيلية.. الصايغ حاضراً في مشاهده.. الشرشني في حركته للممثلين كان متميزاً.كما استطاعت الاضاءة أن تعبر عن الجو الذي يعيشه هذا الرسام الذي أحاط نفسه بهالة من الكآبة وقد أجادت الممثلة التي أدت دور الخادمة وقدمته كأفضل ما يكون . أما النص الذي كتبه طالب الدوس فهو يحمل جمالية وفكراً عميقاً إنسانياً.. فما أعظم الفن حينما يتناول النفس البشرية ويستخرج ما بها وما عليها عبر نص مسرحي مثلما رأينا.الشكر للقائمين على المهرجان خاصة في إطار تشجيعهم للكوادر المحلية والاعتماد عليها ليقدموا خطوة أمامية في الفنون المسرحية ولهؤلاء الشباب الذين غامروا بتقديم مثل هذا العمل خاصة إذا كانت التجربة الأولى لهم.ونأمل أن يقدموا مزيدا من الأعمال المتميزة التي تثري حياتنا المسرحية .