11 سبتمبر 2025
تسجيلمن نافلة القول إنه لو خصصت الولايات المتحدة واحدا على الألف من ميزانيتها العسكرية لمحاربة الفقر والجهل والمرض، لصار معظم سكان كوكب الأرض من محبيها وعشاقها عوضا عن أن تصبح الدولة التي تحظى بكراهية 85% من سكان العالم كما تفيد استطلاعات الرأي، ولما كانت هي ومصالحها هدفا للهجمات الإرهابية، وحتى في دول العالم العربي التعبانة فإن تخصيص واحد على عشرة من ميزانيات الدفاع لمكافحة الفقر والبطالة كان سيكفل لكافة الناس العيش الكريم، حكومة الرئيس السوداني السابق ونزيل السجن الحالي (بتهمة غسل الأموال)، عمر البشير، كانت تخصص 72% من ميزانية الدولة للأمن والدفاع و6% منها يتقاسمها التعليم والصحة، فكان من الطبيعي ان تهب الملايين لاقتلاعها. ولكن، كل هذا كوم وأبحاث وعلوم الفضاء كوم آخر، فهناك مئات المليارات تخصص لمشاريع استكشاف الفضاء والكواكب والمجرات. ما لزوم كل هذا؟ تلك الكواكب والمجرات ظلت موجودة منذ ملايين وربما بلايين السنين و"لازمة حدودها وشايفة شغلها"، ولم نسمع منها إلا كل خير، ولم تحشر أنوفها في خصوصياتنا، وظلت الحياة على كوكب الأرض تسير من حسن إلى أفضل، ولكنه الجشع الذي يجعل حكومات الدول الغربية تتنافس على إيجاد مستعمرات جديدة بعد ان صار استعمار دول كوكب الأرض مرفوضا قبل سنوات قليلة اكتشفوا في غابات الأمازون في البرازيل قبيلة من البشر لم يسبق لأحد أن رآها او تعامل معها من قبل. كلام أفرادها عبارة عن صرخات متقطعة مثل نعيق البومة: قاق قاااق هيهاها.. أووو أييي آآآ، أي أن بني البشر لم يفرغوا من استكشاف الكوكب الذي يعيشون فيه ولكن الأمريكان والروس يريدون ان يشغلوننا باحتمالات وجود ثلج في أعماق تربة كوكب المريخ، ويطلقون مركبات تكلف المليارات لالتقاط صور في الفضاء الخارجي ومعظم تلك المركبات غير مبرمجة للعودة وتتفتفت في الفضاء وبعضها قد يرتطم بالأرض ويسبب "بلاوي" لا يعلم بها الا الله. نعم، نحن وبسبب كثرة مشغولياتنا بالثوابت القومية والقضايا المصيرية الهلامية أوكلنا للغربيين منذ مئات السنين مهمة اختراع واكتشاف الأشياء، ولكنهم أحيانا "يمسخونها".. ما معنى ان يقوموا بالصعود الى قمة جبل إيفرست عاما بعد عام وقد سبق أن قام بتلك المهمة العشرات منذ اكثر من نصف قرن، وبالإمكان تصوير قمة الجيل من طائرة و"نخلص" من هذا الموضوع، لماذا يموت عشرة أشخاص سنويا في محاولة تسلق ذلك الجبل الذي أشبعه النيباليون تسلقا قبل مئات السنين، ثم يأتي رجل أبيض ويتسلقه ويقال عنه إنه اول من فعل ذلك في ذروة حمى السباق لغزو الفضاء بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة أنفق الأمريكان نحو 400 مليون دولار لصنع قلم حبر يصلح للكتابة في منطقة انعدام الجاذبية خلال الرحلات الفضائية المأهولة، كي يسجل رواد الفضاء ملاحظاتهم به، فالأقلام العادية لا تكتب حتى وأنت على الأرض إذا استخدمتها بالمقلوب او حتى وأنت تسند ورقة الى الحائط لأن الحبر المضغوط في داخلها يعمل بالجاذبية ويتجه إلى أسفل. السوفيت لم ينفقوا مليما إضافيا لتوفير مثل ذلك القلم، بل قالوا لكل رائد فضاء من جماعتهم: ما تنسى تجيب وياك قلم رصاص من البيت.. وقبل نحو ثلاث سنوات اكتشفت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون ان الشركات التي تصنع لها الطائرات الحربية تتقاضى أربعة ملايين دولار نظير كل حمام يتم تركيبه في الطائرة واكتشف باحثو الوزارة ان كلفة الحمام الواحد لا تزيد على 4 آلاف دولار، والطائرة الحربية – حتى حاملات الجنود تتسع لعدد محدود، فهل كان هذا يستوجب توفير حمام مليونير لها؟ الكلام جاب الكلام وكانت غايتي الكتابة عن واقعة معينة تكشف السفه الذي يتم باسم غزو الفضاء، وليكن ذلك في مقال الثلاثاء المقبل بمشيئة الله [email protected]