05 أكتوبر 2025

تسجيل

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته

25 يناير 2021

بعض المسؤولين إذا تولى مسؤولية عمل ما كمدير إدارة، أو رئاسة قسم، أو أي عمل يتصف بأن يكون هو المسؤول فيه، تجده يتعامل مع الموظفين وكأنهم يعملون عنده أو عبيد له، والعياذ بالله، ولا يفرق بين الخدم في منزله والموظفين الذين هم معيّنون من قبل الدولة أو المؤسسة للعمل تحت إدارته، ويعاملهم بكل تكبر ونفس عالية، فلا يعرف فن الإدارة ولا المعاملة الحسنة، وإنما يخلط الحابل بالنابل دون احترام، أو مراعاة لشعور الآخرين، فنجده لأي سبب يصرخ ويزمجر في وجوه الموظفين، فلا يستطيعون الكلام معه، ولا بأية وسيلة، ويفرحون باليوم الذي يغيب فيه. مثل هذا المسؤول يعتقد أنه حريص جدا على العمل وهو يعطي على حساب نفسه وصحته، ولكن نقول له بأنك لا تعرف شيئاً في فن الإدارة، فليس المطلوب حين تجد خطأ أن تصرخ، وتقلب الدنيا، فلديك القوانين والصلاحيات، وتحتاج منك فقط تطبيقها بهدوء وراحة بال دون ضرر أو ضرار، وإن قلت إنك لا تريد أن تضر أحداً فلا يعقل كذلك أن تهين أو تقبح بشتى الأساليب السيئة، فكان يمكن أن تتحاور بأسلوب علمي عقلاني تنبهه إلى خطورة الأمر، وأنت مرتاح ومن يستمع إليك سيتقبل وتنتهي الإشكالية. أما أن يعتقد المسؤول أن هؤلاء الموظفين إنما هم يشتغلون عنده والعياذ بالله عبيدا لديه، فهنا الكارثة التي يمكن أن تؤدي إلى تصادم غير محمودة عواقبه. هؤلاء المسؤولون تراهم في عملهم الرسمي وكأنهم في أعمال خاصة بهم، فجميع أمورهم الشخصية ينهونها في العمل، ولا يجعلون من وقت العمل إلا دقائق قليلة هي تلك التي يزمجرون ويصرخون بها في أوجه الموظفين، وإذا جاء وقت يريد أن يضحك أو يتسلى جمعهم في اجتماعات لتضييع الوقت، وبالطبع يمنع اي أحد من الموظفين المخلصين أن ينضم إلى هذا الاجتماع وتتم محاربته حتى التخلص منه نهائياً. من يقبل ان يكون موظفا خاصا او خادما عند المسؤول لتلبية رغباته الشخصية هم اولئك من ضعاف النفوس والمرتزقة والمستويات المتدنية في التعليم، والذين يقبلون بتعويض النقص الذي لديهم بأن يصبحوا خدماً، ويضمنوا استمرارهم في العمل، وكذلك حتى يحصلوا على ترقيات وبعض المكاسب الزائلة، ولا يعلمون أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق وبيده كل شيء. فبالنظر إلى بعض من حولنا من المسؤولين فسنراهم من أولئك الذين كانوا يتجمعون حول أمثال ذلك المدير، ويفعلون ما يريد، ومثل هذا الأمر ينطبق على فئات المجتمع المختلفة، أقصد رجالاً ونساء، فمثل هذه الظاهرة أصبحت تضم البعض من مديرات المدارس أو المسؤولات في بعض الإدارات المختلفة، فالبعض منهن تعتبر أن الإدارة هي بيتها، ويحق لها أن تفعل ما تشاء، وأن هؤلاء الموظفات هن عبيد عندها، وبكلمة واحدة أو جرة قلم يمكن أن تخصم عليها، أو أن تزيلها، وخاصة في غياب الرئيس الأعلى او عدم اهتمامه او موالاته مع تلك المديرة او ذلك المدير، قد يكون هذا المدير او تلك المديرة من الخدم الذين كانوا تحته، وهنا يتصاعد الظلم ويزداد على الموظف المخلص صاحب الضمير الحي. وكذلك بكل فخر وتقدير يجب ألا ننسى المسؤولين والمسؤولات الذين يؤدون عملهم على أكمل وجه، ويتقون الله فيه بكل ذمة وإخلاص، ولله الحمد هم أكثر من أولئك الصاعدين على أكتاف الآخرين. فلنحرص على التمسك بما يمليه علينا ديننا الحنيف في هذا المجال، واعتبار أن العمل هو جزء من العبادة، وأن يطبق حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". [email protected]