30 سبتمبر 2025

تسجيل

أسرار النفس البشرية

25 يناير 2013

للنفس البشرية خفايا وأسرار لا يعلمها ولا يشعر بها حتى صاحبها، فكم من ذكريات ومؤثرات ورغبات تصطرع وتمور داخل هذه النفس، تنتابها وتتناهبها ولا سبيل للمرء من الفكاك منها، لكن بالرغم من ذلك كله تمكنت نفس الإنسان الماكرة من اختراع حيل دفاعية تحمي بها ذاتها وكيانها، من المخاطر والضغوطات الخارجية وتخفف من خلالها من حدة الصراعات والاضطرابات الداخلية سواء الحقيقية منها أو المتخيلة. فالنفس البشرية تلجأ بوعي منها أو بدون وعي لعدد من الحيل الدفاعية التي أطلق عليها عالم النفس الأشهر ورائد التحليل النفسي سيغموند فرويد مصطلح (ميكانيزمات الدفاع). سيغموند فرويد...الذي قسّم النفس البشرية لثلاثة أقسام:ـ الهو: وهو مكان الرغبات والنزعات الجنسية والعدوانية. الأنا الأعلى: وهو الضمير الذي يحتضن القيم العليا للمجتمع والمباديء الأخلاقية والدينية. الأنا: وهو الوسيط الذي يوفق بين رغبات وغرائز الهو وضوابط الأنا الأعلى القاسية. و ميكانيزمات الدفاع أو الحيل الدفاعية هي عبارة عن أنواع من السلوك أو التصرفات التي ترمي إلى تخفيف حدة التوتر النفسي، وأثر التجارب القاسية والقلق وحالات الضيق التي تنشأ بسبب عجز الإنسان عن التغلب على العوائق التي تعترضه. كما أن ميزة ميكانيزمات الدفاع أنها عادةً تعمل بطريقة لا شعورية، وإنها تسعى لتزيين الواقع أو تصويره على غير حقيقته، وتعمل لتحقيق التوازن بين مكونات النفس الثلاثة التي تمثل في عرف الطب النفسي أساس الصحة النفسية. وتتنوع ميكانيزمات الدفاع حسب ماصنفها علماء النفس إلى ثلاثة أصناف: حيل خداعية ومنها الكبت، التبرير، الإسقاط، التكوين العكسي، العزل، وكذلك التسامي والإعلاء. حيل هروبية ومنها أحلام اليقظة والتخيل، النكوص. حيل استبدالية مثل التعويض، التحويل، التوحد والتقمص. ومن الحيل الدفاعية الأكثر نضجاً وأهمية، والتي يعزى لها الفضل في رفد وإثراء البشرية بإنجازات علمية وإبداعات أدبية وموسيقية ورياضية، (التسامي) فهذا الميكانيزم الدفاعي الذي يحفّز الإنسان نتيجة الإحباطات والضغوطات والصراعات النفسية ليتسامى بدوافعه ورغباته ويعبر عنها بوسائل مقبولة اجتماعياً، قد ترتقي لدى البعض من الناس لتتحول إلى لوحة أو قصيدة أو سيمفونية أوعمل تطوعي أونشاط اجتماعي. النفس البشرية كنز من الأسرار والخفايا، وما أحرانا أن نتعلم كيف نحترم الإنسان فقط لأنه إنسان. وكما قال الأديب الروسي الكبير مكسيم غوركي: "يجب أن نحترم الإنسان لا أن نشفق عليه".