31 أكتوبر 2025

تسجيل

أنوار الربيع

24 ديسمبر 2015

عندما يطلع علينا هلال ربيع الأول تشتاق النفوس للحديث عن ذكرى مولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد اختار الحق سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم ليختم به النبوة والأنبياء، فمن الطبيعي والمعقول أن تكون حياته منهجا جليلا لأجيال لا منتهى لأعدادها وأن تكون هذه الحياة بكل تفاصيلها أشد وضوحا وتألقا من فلق الصبح وظهر النهار لا بالنسبة إلى زمنه فقط فحسب بل بالنسبة إلى كل الأزمان والعصور والأجيال وذلك لعموم رسالته ودعوته، فما ارسل إلا للناس كافة كما أن الله أرسله رحمة للعالمين، فقد أفاضت هذه الدعوة المباركة والنهضة الميمونة على العالمين ما لم يعهد له مثيل من الخيرات في أيسر مدة، فمن تأمل ذلك يزداد يقينا ويجد في ثنايا تشريع هذا النبي العظيم معجزات تتجدد مدى الدهر، رغم انحراف المنحرفين عن هديه صلى الله عليه وسلم ورغم مسعى الفاتنين في التشويش على سيرة خير البشر وسنته يريدون أن يطفئوا نور الله والله متم نوره محاولين الإساءة إليه في الداخل والخارج. إن المطلع على سيرته صلى الله عليه وسلم يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة نقتدي بها وهي تتلمس طريقها نحو عالم أكمل وأمثل وحياة فضلى تسودها المحبة والمودة، ومن الطبيعي ألا تجد الإنسانية مثلها الأعلى في شخصيات وهمية وإلا فهي تضل طريقها المستقيم وتسير مقتدية بالخيال والأوهام، فمن حقنا إذن أن نتخذ من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نموذجا لسلوكنا في حياتنا، فإن من أهم ما يجب علينا تجاه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق محبته اعتقادا وقولا وعملا ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وهذه المحبة تشمل ذلك التمسك والأتباع بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فنشرب من يديه شربة لا نظمأ بعدها أبدا، فحياة النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وجوانب شخصيته ونتائج دعوته درس لكل سالك إلى طريق الله وكل قائد أو مرب أو رب أسرة أو سالك أي سبيل من سبل الخير إلى أن ينقطع الزمان، فإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يعيشون في هذه الأيام في رحاب أنوار الذكرى، فتمتلئ القلوب نورا بذكر النبي وتزداد النفوس يقينا بدراسة سيرة خير البشر، مما يفرض علينا لزاما أن نستعرض ما كانت عليه طوائف البشر قبل مولده من صنوف الزيغ وظلام الجاهلية من قبل، حيث العالم يقع تحت سيطرة ظلام الوثنية والجاهلية، وما تم بيده الكريمة من سعادة شاملة لمن تبع دينه، فكان نورا وهاجا يهدي إلى كل خير في الدارين ويكشف صنوف الظلمات المتراكمة على أبصارهم وبصائرهم من عهد الشقاء الذي ليس بعده شقاء، وكل ذلك بسنا برق بعثته صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فإن الأمة الإسلامية عندما تقتدي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إنما تقتدي بأعظم البشر رجولة وإنسانية وأخلصهم قلبا وأصفاهم نية وأكثر العباد قربا لرب البرية، يقول الله تبارك وتعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) الأحزاب:21، فإن محبة النبي وتوقيره وإجلاله واجبة على كل من يستظل بظل هذا الدين فمن يحب الله لابد عليه من الاتباع لمنهجه صلى الله عليه وسلم عندئذ تتحقق محبة الله للعبد فاتبعوني يحببكم الله ومحبته شعبة عظيمة من شعب الإيمان، والفلاح إنما يكون لمن جمع بين الإيمان به ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره.