12 سبتمبر 2025
تسجيلما هذا العالم الوحشي الذي نعيشه الآن، إلى أين وصلنا في هذا العالم العربي الذي من المفترض أنه مهد الحضارة ومنبع الأديان. لقد تم تقليص أهمية الإنسان في هذا العالم الذي نعيشه، حيث أصبح عنصراً ثانوياً مهمشاً وبشكل كبير ومُثيرا لتساؤلات عدة. على الرغم من أن المواد التي تخص حقوق الإنسان لا تُطبق كما يفترض أن تطبق في عالمنا العربي، إلا أنه يجدر بنا الإشارة إلى مادتين رئيسيتين، بالنسبة للمادة (3) التي تنص على أن للإنسان الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه، وكذلك أيضاً المادة (5) تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطّة بالكرامة. فلماذا لم تطبق تلك المواد بالشكل الذي قد يكون ضماناً لحماية الإنسان من أي تهديد أو عدوان. وذلك لأن الإنسان لم يعُد يشعر بالأمن والأمان، وفقدانه للأمان قد يكون السبب في زيادة قلقه، فجميعنا سمع عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقي، الذي قُتل بأمر من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وذلك حسب تحليل وكالة الاستخبارات الأمريكية، فالقضية حتى هذه اللحظة ترهق عقولنا بشكل كبير، وذلك لمعرفة الحقيقة، خصوصاً أن الروايات السعودية تعددت، فلماذا استهدف خاشقجي دون غيره؟ وكيف لذلك الشاب الذي يمثل منصباً هاماً في المملكة أن يقوم بتخطيط وتنفيذ أبشع عملية اغتيال أو قتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول؟! لقد لوحظ أن مشكلات السعودية تفاقمت في الفترة الأخيرة بشكل مثير للجدل، ولم يقتصر الأمر على الاعتقالات فقط، بل الأمر ازداد سوءاً، فلم يكن أحد يتوقع أن يقدم بن سلمان على إنهاء حياة شخص بطريقة لا تمت للإنسانية بشيء كتقطيعه والتنكيل به. أما بالنسبة لمن قاموا به بعد أن تم قتل خاشقجي، وهو تغييب الجثة، فهذا الأمر يزيد عن جُرم قتله، فهل ظن أثناء تخطيطه للجريمة، بأنه عندما يتم إخفاء الجثة لن تكون هناك جريمة أو قضية ولن يحاسبهُ أحد؟ والمقلق أكثر أن الطريقة التي تم بها إخفاء الجثة - حسب الروايات السعودية والتحقيقات التركية التي أُجريت- تُعد من الطرق المُريبة التي لا يستخدمها المُخرجون في الأفلام السينمائية. لذلك، يمكننا القول إن تبرئة ولي العهد السعودي بن سلمان بعد اليوم أمر صعب جداً ومن المفترض أن يُحاسب على هذا الجُرم الذي ارتكبه بحق خاشقجي أولاً وبحق الإنسانية بشكل عام. ولكن، كما نعلم بأن الممول الأول والأساس لخزانة الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي، هو المملكة العربية السعودية وبشكل أدق الأمير محمد بن سلمان،. فالسؤال هنا، كم ستدفع السعودية ليتم إغلاق ملف هذه الحادثة للأبد؟ وكيف ستكون خاتمة الرواية التي ستتلى على الجمهور في النهاية دون توجيه أي تهمة لـ بن سلمان. فقد نستنتج من هذه الجريمة، أن الإنسانية أصبحت مهددة بشكل واضح، تُباع وتُشترى بين مستثمريها، وذلك لتحقيق المصالح التي من الممكن أن تحقق ولم يعد ضمير الإنسان يأنبه حين يرى أن هناك شخصا قُتل ظلما أو عُذب بطريقة أو بأخرى. على الرغم من أن الإنسانية لم تَمت عند البعض حتى الأن، فهناك الكثير منا لا يزال ضميره يصرخ غضباً وألماً لما وصلنا إليهِ الآن. وهذه الفئة القليلة هي التي تبحث عن حقيقة ما حدث وما سيحدث لاحقاً، وهذا أيضاً ما يجعلنا نشعر بالخوف تجاه المستقبل المخيف الذي ينتظرنا، فهل من المعقول أن خاشقجي دفع ثمن كلمته الأخيرة لكي ينال الشعب السعودي حريته في التعبير؟ أم قُتل خوفاً مما يعرفه بشأن ما يقوم به بن سلمان وخصوصاً في الفترة الأخيرة، على الرغم من أن خاشقجي لم يكن معارضاً بل كان ناصحاً وموقظاً للسعوديين، فكان خاشقجي جزاءه بأن يقُتل بأشع طريقة. كما نضيف أن محمد بن سلمان الذي سوّق نفسه من أجل رؤيته والمصالح والمشاريع التي يطمح لتحقيقها، فلن يلقى أي ترحيب في المستقبل خصوصاً في العالم الغربي بسبب الجريمة التي ارتكبها. ونختم بمقولة الكاتب السعودي تركي الحمد على شاشة «أم بي سي» بأن هذه الأعمال تُعد أعمال «مافيا»، وتأكيداً على ما سبق، نشير إلى أن الطاولة قد قُلبت ووقعوا بالفخ الذي نصبوه.