11 سبتمبر 2025
تسجيلمن يريد أن يفهم ما يجري في إسرائيل فعليه تحليل ما يقوله قياديوها في مثل هذه الأوقات العصيبة، فكل ما ينطقون به كفر وكذب وإفك، وكل ما يهمم هو تبرير تصرفاتهم البربرية أمام شعبهم في الداخل ثم الولايات المتحدة وأوروبا اللتين للأسف الشديد أعلنا تفهمهما لما يجري في قطاع غزة من قتل وتدمير وتشريد، ثم يخرج علينا الرئيس الأمريكي في بداية ولايته الثانية ليبرر الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ويكتفي بمطالبة إسرائيل بعدم شن حرب برية ضد قطاع غزة.. حقا، منتهى الرقة والإحساس والإنسانية من رئيس دولة تدعي أنها دولة عظمى، ولكنها للأسف دولة تطير إلى الحضيض بتصرفاتها وعدم وقوفها مع الحق. نعود إلى التصريحات الإسرائيلية والموجهة في الأصل للداخل، ومن هؤلاء الذين نتحدث عنهم الإرهابي الإسرائيلي الكبير شيمون بيريز الذين رتبوا له على العجل مقابلة مع مجموعة منتقاة من الأطفال الإسرائيليين ليتحدث أمامهم عن أحداث الساعة ومن ثم الحرب على الفلسطينيين، وهي فرصة لبث السموم على أسماع هؤلاء الأطفال الذين سيشبون يوما ما ليكونوا شبانا ثم يتجندون في الجيش الوحشي ليمارسوا فيما بعد الحرب ضد الفلسطينيين. ولم لا؟ فطفولتهم كانت مليئة بالأكاذيب، فلم لا يكذبون هم أيضاً على أبنائهم في المستقبل؟ ويدعي الإرهابي شيمون بيريز ردا على سؤال أمام الأطفال لماذا الرد على هجمات حماس بشن نحو 1000 غارة خلال عدة أيام فقط؟ بأن إسرائيل ليست معنية بالحرب" العرب والمسلمون ليسوا أعداءنا وأنا أكرر بأننا نرغب بتجديد المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس مبدأ دولتين لشعبين. مع ذلك، أريد أن أوضح، خاصة للفلسطينيين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وللعالم العربي على وجه العموم أن حماس والمنظمات الأخرى في غزة تطلق الصواريخ على بلدات إسرائيلية بشكل يومي. حماس هي من بادر إلى جولة القتال الحالية. لا توجد أي دولة أخرى في العالم مستعدة لأن تتحمل أن يُطلق عليها وعلى قراها ومدنها وعلى رياض الأطفال وعلى المدارس الموجودة فيها صواريخ لفترة طويلة من الزمن. هذا وضع لا يحتمل ولا يطاق، وكان ينبغي على القيادة الإسرائيلية أن تتخذ قراراً لوضع حد ونهاية لهذا الأمر". ونترك هذه الإجابة للإرهابي بيريز ليرد بدهاء أكثر على سؤال آخر عن أن توقيت العملية الحالية يتعلق بالانتخابات في إسرائيل ولكي يكسب الثلاثي نتنياهو وليبرمان وباراك جولة الانتخابات من جديد، من منطلق أن الغاية تبرر الوسيلة؟ والرد التالي يؤكد لنا أن الذكاء اليهودي لا يفلح، فالإرهابي ينفي هذا الادعاء، ويقول " لا يوجد أي رجل سياسة في إسرائيل يخاطر بأبنائنا من أجل الحصول على مقعد في الكنيست. لقد خرجنا للحملة - ولم يكن أمامنا خيار آخر - من أجل حماية مواطنينا، كما لو كانت ستفعل أي دولة أخرى تحت تهديد إطلاق صواريخ". نترك الإرهابي صاحب مجزرة قانا والخليل لنتطرق إلى شق آخر في هذه الحرب المدمرة التي أرادت بها إسرائيل العرب والفلسطينيين ولتضع الرئيس الأمريكي في حيرة في بداية ولايته الجديدة، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يدعمه أثناء الانتخابات إنما وقف مع منافسه الجمهوري ميت رومني. الأمر الجديد هذه المرة هو زيادة الدعم الدبلوماسي المصري والعربي في مجمله للشعب الفلسطيني في محنته، ففي الحروب السابقة، لم نر أن وفدا عربيا قد توجه إلى قطاع غزة والتقى مسؤوليها وشعبها المنكوب، ولكن هذه المرة ارتفعت الروح المعنوية للفلسطينيين بالزيارات العربية خاصة الوفد الوزاري العربي تضامنا مع أهل القطاع في مواجهة الهجوم الإسرائيلي الأخير، كما تم تكليف لجنة مبادرة السلام العربية بإعادة تقييم الموقف العربي إزاء مجريات عملية السلام المعطلة من مختلف جوانبها. فالوفد كان قريبا من احتياجات الفلسطينيين عن قرب لتقدير المتطلبات، ومن ثم التعامل الفوري مع احتياجاته الإنسانية ومتابعة الموقف وما يستجد من تطورات. ومن مستجدات الموقف هنا ما صرح به وزير الخارجية المصري أثناء الاجتماع الوزاري العربي بأن عملية السلام أصبحت فقط عملية وليس سلاما، فكل ما يقال ويتردد هو عمل من دون فائدة والأرض الفلسطينية يتم التهامها يوما بعد يوم، وبالتالي، فإن سنوات قليلة قادمة لن يكون هناك أرض للتفاوض بشأنها. ونأتي للشق الثالث من الموضوع، ويتعلق بالمطالب الفلسطينية والإسرائيلية لإنهاء تلك الحرب الغاشمة، فحماس باعتبارها المسؤولة عن قطاع غزة تضع شروطها قبل التوصل إلى هدنة جديدة ومعها كل الحق فيما تطلبه، وبالمناسبة ما تضعه على الطاولة ليس جديدا ولكنه حيوي. ممثل في ضرورة أن ترفع القوات الإسرائيلية الحصار عن القطاع بالكامل وعن المعابر وعن المياه الفلسطينية، فمن غير المعقول ونحن نتحدث عن هدنة ألا يستطيع المواطن الغزاوي أن يذهب إلى البحر ليصطاد قوت يومه هو وأسرته، وكذلك المزارع الفلسطيني لا يستطيع الآن الذهاب إلى أرضه لاستزراعها لأنها محاصرة بالجيش الإسرائيلي الذي يستقطع مساحات كبيرة من القطاع الضيق جدا ووضعها تحت إطار محاصر بحجة أنها منطقة أمنية، ويضيع بالتالي مساحات كبيرة من أراضي المزارعين الفلسطينيين. ثم الشرط الثاني لحماس ولديها أيضاً كل الحق فيه وهو الحصول على تعهدات إسرائيلية بضمانات أمريكية بعدم اللجوء إلى خيار الاغتيالات السياسية. وحتى وإن لم تقبل إسرائيل هذين الشرطين الضروريين لحماس، فإن أمام المفاوض الفلسطيني والأطراف الراعية لأي هدنة معرفة أنه من حق الفلسطينيين العيش في سلام وأمن ككل شعب في العالم حتى يستطيعوا إعادة إعمار القطاع. ورغم تزايد الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار وهدنة بين الفلسطينيين وإسرائيل، يخرج علينا إرهابي إسرائيلي آخر هو نتنياهو ليتفوه بعبارات غبية يتعالى فيها على جهود التهدئة ويهدد بأن العملية في قطاع غزة مستمرة ونحن نستعد إلى توسيع رقعتها، في إشارة إلى الهجوم البري. والسؤال.. هل يعقل والأجواء هكذا أن يستدعي الجيش الإسرائيلي نحو 40 ألف جندي في الاحتياط؟ طبعا في دولة تعشق الحرب والإرهاب والقتل، فإن هذا الأمر يكون عاديا جدا وإلا لما تمادى نتنياهو في صلفه ليضرب شعبا أعزل بأحدث الأسلحة الأمريكية بحجة الدفاع عن مواطنيه. لقد حاول نتنياهو التأثير على قرارات حماس بتصريحاته المتعالية من أجل التقليل من طلباتها، ولكنه فشل، كما يحاول الإسرائيليون تحميل حماس مسؤولية كل ما يجري داخل القطاع، وفي هذا ظلم لها، لأن القطاع يمتلأ بمنظمات أخرى غيرها وعلى رأسها الجهاد، وبالتالي فإن حماس لا تتحمل المسؤولية لوحدها. ومن الظلم تحميلها مسؤولية كافة العمليات، والإسرائيليون يعلمون هذا تماما. ونرى طلبات تعسفية أيضاً من قبل الإسرائيليين مقابل مطالب حماس الطبيعية والقانونية، وكل مطالب إسرائيل غير واقعية، فمثلا كيف يطلبون وقفا تاما لعمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو المدن والبلدات الإسرائيلية وعدم استهداف وحدات الجيش الإسرائيلي التي تنتشر على الحدود والتوقف التام عن العمليات العسكرية وبعث المجموعات لتنفيذ العمليات ضد إسرائيل!!. فمن الطبيعي إذا كنت تطالبني بالتقيد بكل هذا، أن تجعلني قادرا على حماية شعبي وأهلي في قطاع غزة وإلا انقلبوا ضدي ليكون الأمر سهلا للاجتياح مرة أخرى، وهذا ما ترغب فيه إسرائيل للأسف الشديد.