11 سبتمبر 2025
تسجيلفي الوقت الذي تزدهر وتتطور فيه صناعة المحارم الورقية في الجانب الغربي من الخليج العربي حيث تقع ست دول خليجية عربية على امتداد الساحل الغربي من الخليج العربي، في ذات الوقت تزدهر وتتطور صناعة السيارات والمعدات الثقيلة والأسلحة في الجانب الشرقي من الخليج العربي ذاته حيث تقع دولة واحدة فقط هي إيران على امتداد الساحل الشرقي من نفس الخليج الذي تحاول تلك الأخيرة السيطرة والهيمنة عليه بل وتغليب تسميتها على هذا الجزء ليصبح الخليج الفارسي في محاولة شكلية وجوهرية لتغيير ملامح هذا الجزء من الأمة العربية والإسلامية إلى ماهية أخرى.. ترضى عنها وتخضع تحت عباءتها أو بتعبير أدق.. تحت عمامتها. وفي الوقت ذاته تجدنا في دول الخليج العربي نلهو ونتسامر أكثر في المجالس والرحلات بلا حديث عن هذا الموضوع المقلق المخيف، بل وتجدنا نتسلى وسط أحاديثنا في توافه الأمور والملهيات عن الواقع.. نتسلى بـ "مكسّرات إيرانية" كالفستق وغيره ثم نتلوها ببطاطس أمريكية مقلية ووجبات أمريكية سريعة كذلك ثم نختم ذلك كله إما بحلويات إيرانية أو بآيس كريم أمريكي.. المهم أن بعد ذلك كله.. نزداد سمنة على سمنة، تكبّلنا عن الحركة وتعيقنا عن اليقظة في واقعنا.. حتى نغط في نوم عميق طويل. التحركات الإيرانية والأمريكية في المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام وفي الخليج العربي بشكل خاص لا تبشر بخير مطلقاً وإنما تحمل معها مشروعاً خطيراً يستهدف إعادة استعمار الدول الثرية بموارد طبيعية بأسلوب حديث ومغاير، وذلك ما هو إلا صورة من ذات الاستعمار القبيح في القرن الماضي الذي قامت به الدول القوية للسيطرة على موارد الدول الضعيفة.. حتى وإن كانت تلك الموارد كالبهارات مثل الفلفل ونحوه كما حدث عند استعمار الهند مثلاً أو كانت تلك الموارد كالبترول والغاز ونحوهما كما حدث عند استعمار الخليج العربي ولا يزال يحدث إلى يومنا هذا في العراق مع بقاء القوات الأمريكية المستعمرة الناهبة لثروات الأمة العربية والإسلامية تحت أنظار العالم العربي والإسلامي دون أن ينطق منهم أحد ببنت شفة، فهو شأن عراقي داخلي كما يقول السياسيون العرب بينما يقول من هو أفضل منهم (عمر بن الخطاب رضي الله عنه).. " لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة ". إن هذا التبعيض وهذا التقسيم وهذه اللامبالاة هي التي أوردتنا المهالك وأرجعتنا إلى الوراء في حين أن جميع دول العالم تتدخل في كل صغيرة وكبيرة طالما أنها تمس شأناً من شؤون دولها، وتتعاون مع بعضها البعض من أجل الوصول لحل يضمن عدم انتهاك سيادتها أو التعدي على ممتلكاتها أو حتى عاداتها وتقاليدها وسائر ثقافتها، أما نحن فنقف مكتوفي الأيدي ونتفرج على أعدائنا يجتمعون هنا وهناك ويخططون لأمر ما من وراء ظهورنا ولا نكلف أنفسنا عناء معرفة ذلك الأمر أو الوقاية منه والاستعداد لكل الاحتمالات المفتوحة في هذا العالم المتغير بشكل سريع وعجيب. كلنا ندرك مخططات إيران في المنطقة العربية والإسلامية وكثرة محاولاتها في الآونة الأخيرة في التدخل في شؤون الدول العربية ودعم الموالين لها سياسياً وعقائدياً كما في اليمن والبحرين وسوريا ولبنان والعراق وغيرهم في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي، ويكفي أن ندرك أن الجهود الإيرانية في ذلك ضخمة جداً مدعومة بميزانيات هائلة ترصد سنوياً للإنفاق على أيديولوجية إيرانية واستراتيجية واضحة تستهدف إغواء وإغراء الناس بالأموال من أجل الدخول تحت عباءة وعمامة إيران والخضوع لمخططها الذي نعرفه جميعاً، ولعل اعتماد إيران نشر ثقافتها الخاصة بها من خلال مراكزها الثقافية في الدول العربية والإسلامية يندرج تحت العمل التنظيمي البطيء في النتائج والعميق في الأثر، ولا ننسى أن ثقافة الأمريكان هي التي احتلت البلاد العربية والإسلامية قبل أن يطأها الجنود الأمريكان في أفغانستان والعراق وسائر دول الخليج العربي بمراحل. إننا يجب أن ندرك الأخطار والتهديدات التي تحرّك الإيرانيين والأمريكان شرقاً وغرباً.. فكل منهم يسعى لمصالحه وجلب المنفعة له في المقام الأول حتى وإن كان في سبيل ذلك التضحية بأصدقاء قدامى كدول الخليج العربي الذين عليهم أن يدركوا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد ضرب إيران وإنما هي لعبة مملة وسخيفة أرادوا بذلك إيهامنا بأنهم يحموننا من الخطر الإيراني في حين أنهم على وفاق ووئام معها، ناهيك عن أن الأمريكان يريدونها ذريعة للبقاء في القواعد الأمريكية المنتشرة في أنحاء العالم، وفي كل منطقة من تلك المناطق تختلق فيها أمريكا ذريعة للبقاء هناك من خلال صناعتها للتوترات وافتعالها للحروب والأزمات.. وهذه هي السياسة بوجهها القبيح الذي يجب أن نفهمه جيداً وأن لا نُظهر لها وجهنا المبتسم دائماً وأن ندرك مقولة الأمريكان "ليس هناك عدو دائم، وليس هناك صديق دائم".. وقبل أن نضيع بين "المكسرات الإيرانية والوجبات الأمريكية".