11 سبتمبر 2025

تسجيل

مجلس الأمن.. تجربة مع الزمن

24 أكتوبر 2013

فشل مجلس الأمن في القيام بواجباته أصبح من الثوابت السياسية في إدارة الشؤون الدولية، فهو تحوّل إلى ناد للقوى الكبيرة التي تسيطر على أحوال الأمن والسلام العالمي، وبدلا من ترسيخهما في أرجاء الدنيا فإنها في الواقع شوّهتهما وعملت على تخريبهما، بحيث لم يعد هناك من أمن أو سلام ولا يحزنون، وما ذلك إلا لتضارب مصالح تلك القوى وتلاعبها باضطرابات الشعوب إن لم تصنعها من أجل الوصول إلى مبتغاها النفعي. افتقاد المجلس للعمق الأخلاقي وابتعاده عن مبادئ إنشائه لا يجعله مؤهلا لتحقيق الأمن والسلم في العالم، فهناك فوارق كبيرة وكثيرة في مصالح الأعضاء الدائمين، وبالتالي مع أدنى تعارض لا يتصوّر أن ينتهي المجلس إلى قرارات أو تصرفات متوازنة تسهم في تحقيق الأمن الجمعي، وذلك أفرغه من مضمونه وجعله بؤرة للوصاية على الشعوب وتعطيل مصالحها والإضرار بها. انسحاب المملكة العربية السعودية أخيرا من العضوية تأكيد لانتفاضة لدول العالم وصوت عال للتعبير عن رفضها لسياسات المجلس وعدم اتزانه بعد غياب الأبعاد الأخلاقية في التقرير بشأن قضايا الأمن والسلم في العالم، فهذا المجلس لم يحسن النظر في قضايا معقدة وشائكة لسنوات طويلة مثل القضية الفلسطينية في الماضي والحاضر وقضية سوريا حاضرا وما ذلك إلا لتباين مصالح الفرقاء الرئيسيين في المجلس وعدم اتفاقهم على لعب أي دور أخلاقي نزيه لحسم الصراع. في الأعوام الأخيرة ظهرت أصوات ومطالبات خجولة بتحسين دور المجلس بعد أن ساءت سمعته ودوره على الصعيد الدولي، حتى أنه باستخدام الفيتو أو يتجاهله وتسويفه لحل الأزمات أسهم بدور أكبر في الصراعات وتأجيجها، ولذلك فإنه أصبح تجربة مع الزمن وقد آن الأوان لإعادة الشعوب للنظر فيه حتى تعيد إليه التوازن الضروري للاطلاع بدوره ومواكبة تطورات الواقع الدولي بعد سنوات من الصراعات القديمة والمفتعلة وتغليب مصالح القوى النافذة على الشعوب النامية والضعيفة التي لا تملك حق النقض "الفيتو" أو حتى القدرة للتعبير عن مشكلاتها وطلب العون الدولي لحلها بنزاهة. إذا لم ينجح المجلس في حسم الصراعات فلا جدوى من وجوده الذي يرتبط بلعب دور نافذ ومؤثر وفاعل في تعزيز نظم السلم والأمن الدوليين، وما لم يقم بذلك تنتفي الحاجة إليه ويصبح بؤرة استعمارية تكتسب شرعية غير أخلاقية على غفلة من ذات الشعوب التي ارتضته حكما لصراعاتها.