14 سبتمبر 2025
تسجيلالكل يعرف أن الأيام السابقة شهدت وما زالت، جدلا حول الطائرة التي ذهبت من مصر إلى زامبيا، وتم القبض على بعض ركابها، وعلى مبلغ خمسة ملايين وستمائة ألف دولار، وشحنة من الذهب أو غير الذهب تتجاوز المائة كيلو جرام. كل الأخبار جاءت من خارج إعلام الدولة الرسمي، سواء صحفا أجنبية أو محلية مثل صفحة "ماتصدقش" على السوشيال ميديا، أو صفحة مدى مصر. لقد تم القبض على أحد الصحفيين من جماعة "ماتصدقش"، والحمد لله تم الإفراج عنه بعد يومين بعد أن أثار ذلك الكثيرين، ومنهم نقابة الصحفيين المصرية التي قامت بدورها بسرعة. كان السؤال الذي شغل الجميع منذ البداية هو أين النظام الحاكم مما يقال، ولماذا لا يصدر بيانا بالحقيقة؟!. طبعا لم يصدر غير بيان ساذج بعد يوم من المشكلة أنهم يتابعون الأمر. لا يهمني ذلك كله، فهناك الكثيرون كتبوا فيه ويكتبون وما زال الغموض مستمرا. يهمني خفة دم المصريين مع الأمر، فهناك من صار يدعو "اللهم اجعلنا من أهل زامبيا". وهناك من لم تنقطع الكهربا عن بيته في الموعد المحدد الذي يحدث كل يوم وقال "بركاتك يا زامبيا". ووجدت نفسي أكتب على تويتر إني ذاهب للعب الطاولة مع الصحفي الشاب محمد شبانة، واتفقنا أن من يفوز يتزوج بنت اسمها "زامبيا". وهكذا دخل الكثيرون في منطقة المرح التي ذكرتني بشخصيات كثيرة في الحياة المصرية من اختراع الناس وليست حقيقية، ومنها شخصية "أبو العربي" البورسعيدي. أي الذي ينتمي لمدينة بورسعيد، الذي كان في فترة مثار الأحاديث الضاحكة والنكت والأفلام أيضا، ومنها نكتة أن أحدا ذهب إليه مسرعا يخبره أنهم قبضوا على زوجته مع شخص في حديقة بيته، فقال له "يعني مترين نجيل عملتوهم حديقة" أو النكتة الأشهر أن أحد أصدقائه اتصل به ليلتقي معه، فقال له إنه مشغول في جلسة مع صحابة رسول الله ولن يقابل أحدا اليوم، فنزل صديقه من بيته جاريا ليذهب إليه قائلا لنفسه لقد جُنَّ أبو العربي. في الطريق قابل ابن أبو العربي فسأله يا بني ما الذي جري لأبيك؟ لقد اتصلت به فقال لي كذا وكيت، فقال له ابن أبو العربي "أنا لا أعرف من مع أبي، لكن كل السيارات أمام البيت مكتوب عليها ملاكي قريش!" هكذا صار لأبي العربي وريثا في "البكش". الحقيقة أن البكش في الحياة الشعبية المصرية له سحر عجيب، وأنا أعترف دائما أن أحد أسباب حبي لكتابة القصة، من قابلتهم من بكاشين واسعي الخيال. أصحاب أساطير يمشون على الأرض، خاصة أن الأمر لا يتجاوز الضحك، فالمتحدث يعرف أنه بكاش والسامع يعرف أنه يستمع لبكاش، ولا حل غير الضحك. لقد ساعد الضحك على مر التاريخ الشعوب المقهورة على الحياة، ورغم ذلك تجد من يلوم هذه الشعوب على صبرها ويقول إنها تستحق الاستعباد. حدث هذا الضحك في وقت غابت الحقائق عن أحداث رهيبة، مثل حادث مدينة العريش وقتل عدد من رجال الأمن في مقر أمن الدولة، من بعض العناصر المحبوسة. وهو حدث هز مصر كلها ولا تزال الحقيقة غائبة، رغم حلقات اليوتيوب التي يديرها بعض الكتاب والنشطاء في الخارج. جاء حادث زامبيا ليزيد الطين بلة، لكن في النهاية عرف المصريون طريق الضحك رغم الآلام. لقد صار أبو العربي حلا وأتخيله يقول "عصفورة صغيرة طارت ونزلت في زامبيا عملتوا منها طيارة وفيها دولارات كمان؟!".