14 سبتمبر 2025
تسجيلواشنطن ضالعة ومتورطة ومشتركة في الانقلاب الفاشل على الحكومة التركية التي يقودها الرئيس رجب طيب أردوغان.. هذا ما تقوله لائحة ادعاء رسمية قدمتها النيابة العامة وقبلتها محكمة الجزاء الرابعة في أنقرة، جاء فيها أن حركة فتح الله غولن وزعيمها يعملان تحت إمرة الولايات المتحدة الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية "سي أي ايه". اللائحة التي قبلتها المحكمة التركية أكدت أن "عملاء من وكالة الاستخبارات الأمريكية يعملون على التغلغل داخل دول مختلفة حول العالم، وجمع معلومات استخبارية تحت ستار مدارس تابعة للمنظمة الإرهابية في تلك الدول"، وأن "فتح الله غولن لا يمكنه البقاء في ولاية بنسلفانيا، من دون رعاية من أمريكا"، مشيرة إلى أن الأخيرة "لا تسمح لزعيم المنظمة الإرهابية بالبقاء داخل أراضيها، إذا لم تكن لديها مصالح من وراء ذلك"، بالطبع الاتهامات التي أعدتها النيابة العامة تطال 73 مشتبها بينهم غولن نفسه، فيها اتهام صريح أن مؤسسات غولن عبارة عن أذرع للمخابرات الأمريكية بل ذهبت أبعد من ذلك إلى كشف أن المخابرات الأمريكية وجماعة غولن نجحا بـ"امتلاك المنظمة الإرهابية آلاف القضاة والمدعين العامين داخل السلك القضائي التركي، لاتخاذ قرارات مخالفة للقانون عند الحاجة، واستغلال السلطة العامة للدولة لتحقيق منافع شخصية، وعرقلة القرارات التي تستهدفها بشكل مباشر". وأن منظمة "فتح الله غولن/ الكيان الموازي"، لها صلات برؤساء اللوبي الأرميني، واليهودي، والمحفل الماسوني، وأن "غولن" تبادل الهدايا معهم"، وأن هذا الكيان الموازي الذي يعمل برعاية المخابرات الأمريكية تنصت بشكل غير قانوني (من خلال عناصره المتغلغلين في السلك الأمني)، على كبار المسؤولين الحكوميين، حيث استخدموا رمز "ديكان" للرئيس السابق، عبد الله غل، ورمز "مكير" لوزير الداخلية الأسبق، بشير أطلاي، ورمز "دورسون" لوزير الداخلية السابق، إدريس نعيم شاهين، ورمز "أوزان" لرئيس الوزراء خلال تلك الفترة، رجب طيب أردوغان.هذه الاتهامات التي تقدمت بها النيابة العامة التركية تنقل العلاقات بين أنقرة وواشنطن إلى مرحلة جديدة، ولا شك أنها ستكون متوترة ما لم يتم تسليم فتح الله غولن لمحاكمته أمام القضاء التركي، وفي حال رفضت واشنطن تسليمه فإن الأتراك سوف يعتبرون ذلك تسترا على التورط في الانقلاب، ومحاولة من الأمريكيين لتغطية تورطهم المباشر في الانقلاب، وهو تورط عملي، أي اشتراك في الانقلاب، وليس دعمه من بعيد فقط.من الواضح أن حكومة الرئيس أردوغان قررت عدم التعامل بدبلوماسية المجاملات الزائفة مع الإدارة الأمريكية هذه المرة، لأن السكين وصلت إلى الرقبة، فقد كان هدف الانقلاب الفاشل، إلغاء الديمقراطية التركية وتحويل مسار تركيا ووضعها تحت حكم عسكري، وتحطيم إنجازاتها الاقتصادية، وإعادة تركيا إلى زمن الانقلابات العسكرية والفقر والحرمان والتوتر وعدم الاستقرار، ولم يكن بإمكان أمريكا أن تفعل ذلك بدون التغلغل في الشرطة والقضاء والمدعين العامين والجيش والنظام التعليمي، وهذا ما فعلته تماما بمساعدة "الكيان الموازي" الذي قرر أردوغان اجتثاثه تماما، وشرع بذلك من خلال استبعاد 60 ألف شخص من الوظائف وتنظيف المؤسسة العسكرية وإعادة هيكلتها واعتقال الجنرالات الكبار المتورطين وهم يشكلون ثلث قيادة الجيش.المعركة في المرحلة المقبلة ستكون "كسر عظم" بين الحكومة التركية والإدارة الأمريكية، ولن يقبل الأتراك أقل من تسليم غولن إذا أراد الأمريكيون تبرئة أنفسهم من التورط والاشتراك في الانقلاب الفاشل.