11 سبتمبر 2025

تسجيل

العربية إذ تخلع حروفها

24 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); افتح صفحتك الخاصة على موقع للتواصل الاجتماعي، ثم اضغط على أمر الطباعة، أو اطبع نسخة من التعليقات الواردة على مقال عربي، وسيدهشك أن تجد تعليقات بكلمات عربية خطت بحروف لاتينية، ثم إنها مكتوبة كما تنطق بالعامية، والنتيجة أن من لا يعرف الحروف اللاتينية، أو لا يعرف اللهجة التي روعيت في الكتابة لا يمكنه أن يقرأ ما هو مكتوب، والأكثر من ذلك أن الحروف المستخدمة في الكتابة تخالطها أرقام، لتعويض نقص الحروف اللاتينية، التي تخلو مما يقابل مخارج صوتية عربية كالعين والطاء والحاء، والنتيجة فوضى كاملة، تجعل اللبناني يعجز عن قراءة ما كتبه السوداني، والمصري لا يمكنه أن يقرأ ما كتبه الجزائري. وهكذا. وآه لو عرف أبناؤنا الذين "يرتكبون" هذه الكتابة أنهم، من حيث لا يدرون ولا يحتسبون ولا يتبصرون، يطعنون أمتهم في مقتل. آه لو عرفوا أنهم يسلمون الأعداء، طواعية ومن غير حرب، ما قاتل آباؤهم وأجدادهم حفاظا عليه واستنقاذا له. آه لو عرف من يرتكبون هذه الطريقة في الكتابة أنهم يضعون لغة العرب على المقصلة، ومعها قرون من العلم والإبداع. آه لو تأملوا ما حل بتركيا، منذ هجرت كتابة لغتها بالحرف العربي، وراحت تكتب بالحروف اللاتينية. إن آلاف المجلدات والمخطوطات تبكي الآن على أرفف وداخل مخازن أشبه بالمقابر، لأنها مدونة بالحرف العربي، الذي لم يعد معظم الأتراك قادرين على التواصل معه. وآه لو قرأ أبناؤنا كتاب الدكتور محمد موفاكو "الثقافة الألبانية في الأبجدية العربية" وهو يرسم صورة لخسارة الألبان الفادحة عندما كتبوا بالحرف اللاتيني، ليقطعوا اتصالهم بكل ذاكرتهم المكتوبة، ويبدأوا من الصفر، وياله من صفر. بالأمس القريب كنا ننادي بالعربية لغة لكل ما نقول ونكتب، وبعد أن تخلينا عن الالتزام بها فيما نقول، ها نحن نسير على طريق هجرها فيما نكتب، كى لا يبقى لنا منها شيء وتضيع بالكلية. والحقيقة أن الدعوة إلى كتابة الكلمات العربية بحروف لاتينية مؤامرة مستمرة، بذلت الدول الاستعمارية جهوداً هائلة لتمريرها، فلما أعجزتها المواجهة لجأت إلى المداورة والمناورة، حتى أن بعض أبنائنا الآن يعدون الكتابة بالعربية تخلفا، ويقولون إنهم لا يحتملون أن يظهروا بين أقرانهم بمظهر من يكتب بالعربية. قضية لها وجهان، يعكس كل منهما جانبا من خطورتها. الأول: هو أن من يسلكون هذا المسلك هم أبناؤنا حقاً وصدقاً، لا هم عملاء ولا هم متآمرون. والوجه الآخر: هو أن ما يفعلونه ليس أقل من جريمة، وأن خطر هذه الجريمة يصل إلى حد محو اللغة العربية. ومن هنا يجب أن تكون الوسائل التي نلجأ إليها لتصويب مسلكهم فيها من الرفق ما يليق بتربية الأبناء، ومن الشدة ما يناسب حجم الخطر. وفي الأمر تفصيل نعود إليه إن شاء الله.