16 سبتمبر 2025

تسجيل

أغنوهم عن السؤال

24 يوليو 2014

الأيام تمر وتنقضي والله باق لا ينتهي، فتلك الأيام ندوالها بين الناس كيف نشاء، ربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر، فلقد أذن الله سبحانه وتعالى لرمضان بالرحيل فربح فيه المسلم الذي أدرك سرائر الصيام فخرج من هذا الشهر وقد غفر الله له ذنوبه مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا وإحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه) رواه الجماعة، فإن أبواب الخير مفتوحة أمام الإنسان التقي يلجها متى شاء، مستنزلا رحمة الله الواسعة مستكثرا من ثوابه الجزيل وفضله العميم، فإنه يعلم أن أمر الرزق موكول إلى الله تعالى، والذي كفله للجميع المسلم والكافر والعاصي والمطيع، ولكن هناك أمر آخر مقرون بأمر الرزق لا يعلمه إلا القليل من الذين تفتحت قلوبهم لهدي الإسلام وتعاليمه، ألا وهي البركة في الأرزاق، فلا يحصل عليها إلا الذين يتاجرون مع الله فينفقون أموالهم ولا يخشون من ذي العرش إقلال، فعلم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن كل معروف صدقة وأنه في صباح كل يوم ينزل ملكان من السماء يقول أحدهم اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا، فبدأ يبحث عن ألوان البر والخير والمعروف، والتي يستطيع المسلم أن يجني منها أجور تلك الصدقات، فهو يقوم بالأعمال البناءة الخيرة في مجتمعه، فإيجابيات المسلم وحياته كلها موجهة في خدمة أهله وعشيرته وأبناء مجتمعه.فشهر رمضان فضله الله تعالى على بقية الشهورلأنه شهر القرآن وشهر الصيام وشهر البر والإحسان وشهر الإنفاق وشهر العطاء تطهر القلوب بالقرب من خالقها، فالقلب هو وعاء الإيمان، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا وأن في الجسد مضغة إذ صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب) رواه البخاري، وإنما يكون القلب صالحا إذا كان منورا بنور الله عز وجل ومكسوا بلباس التقوى والورع يمتلئ بآيات الله البينات فيسرج فيه شعلة من نور تزيده رونق وبهاء فيزداد قربا من الله تعالى وتظهر عليه أمارات السكينة والطمأنينة، فيخلف الله عز وجل عليه في الدنيا بالحياة الطيبة التي يزداد بها بشر وسعادة ويوم القيامة يقرأ ويرتقي حتى تكون منزلته عند أخر آية يقرأها ويشفع في أهله ويلبس والديه تاجا من النور والحلى، وإننا في هذه الأيام المباركة يجد الصائم سعادته في طهارة قلبه بتلاوة آيات من كتاب الله تعالى يزداد بها قربا ومحبة لله عز وجل فينفع نفسه بعمله الصالح ويزداد خيره عندما ينظر لغيره ويحاول اسعاد الناس من حوله.فإن شهر رمضان يتسم بشهر الإنفاق فيختتمه الناس بصدقة الفطر التي هي قربة لله تعالى فتكون طهرة للصائم وطعمة للمساكين ينتهج المسلمون هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحرص على رسم البسمة على وجوه الناس في يوم العيد بقوله أغنوهم عن السؤال في مثل هذا اليوم، فهدي الدين يقوم على البذل والإنفاق ويضيع على الشح والإمساك، ولذلك حبب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية وأكفهم ندية ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر، وأن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم لا ينفكون عنه في صباح أو مساء، فهو بهذا الإرشاد الدقيق يريد أن يرتب النفقات المشروعة الترتيب المثمر الصالح، فالمطلب الأساسي لكل مسلم آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، هي راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه، فبها تحصل الحياة الطيبة ويتم السرور والابتهاج.فإن سر السعادة يكمن في الإيمان بالله تعالى وحبه وحب من يحب الله تعالى والاجتهاد في طاعته وذكره والدعوة إليه، يا حبذا في هذه الأيام المباركة أيام التجارة مع الله تعالى الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف إلى سبعمائة ضعف فإن صدق الإيمان هو سر السعادة الأعظم الذي به يحصل عليها من صدق إيمانه وإن قل ماله وسلطانه، وإن عزف عن ملذات الدنيا أو عزفت هي عنه، أما الأشقياء بكل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان، ومن رصيد اليقين فهم أبدا في تعاسة وغضب ومهانة وذلة، قال الله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) سورة: طه: 124، فلا يسعد النفس ويزكيها ويطهرها ويفرحها ويذهب غمها وهمها وقلقها إلا الإيمان بالله رب العالمين فلا طعم للحياة أصلا إلا بالإيمان، فأعظم الأسباب للسعادة في الدنيا والراحة الأبدية في الآخرة وأصلها ورأسها هو الإيمان والعمل الصالح يقول الله تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.