11 سبتمبر 2025

تسجيل

جدتي

24 يوليو 2012

أقبل رمضان وفي جعبته الخير الوفير، يحمل تحت ردائه وصفات لطرقٍ مختصرة توصلنا إلى الجنة، فقط لو أننا ننتبه لوجودها، مُتجاهلين كل ما يمكن له أن يشوش أذهاننا، ويشتت أعمالنا.. هو الشهر الفضيل لم يتغير ولن يتغير، فهو ومنذ أن تفتحت مداركنا، ونحن نعي أنه شهر القرآن، والعتق من النيران، هو شهر التعبد في الأسحار، ولكن لعل ما تغير هو تربية النفوس للطاعات والاستعداد له حق استعداد.. ذلك كله يذكرني بها، المرأة الفاضلة في الزمن غير الفاضل، العظيمة التي ربتنا بالأمثال والحكم، كانت صلبة في أوامرها، قوية في توجيهاتها، ولكن كنا على يقين أنها الخير المطلق، ودربها هو الدرب الصحيح الذي لا يزل. يأتي رمضان من كل سنة، ليرسم علامة استفهام في ذهني، أتساءل) في أي تلةٍ من تلال الجنة تتكئين يا جدتي وهذا الشهر يحكي لنا عن طوافكِ الملائكي في الدار، تصوتين بسكينة) من صام ولا صلى طاح في النار يتقلى (تستغفرين وتسبحين بمسبحةٍ من نور، ثم تتوثبين ثانية، تمرين علينا بسلام) من صلى ولا صام طاح في النار صخام". كان ذلك نهجها في التربية، النهج التي يُزرع في النفس، ويُنسخ في الذاكرة فلا يجرؤ النسيان على محوه، كان التوجيه الذي يحوي الترغيب والترهيب، ما بين حلاوة الكلام ورقة أسلوبه، وما بين معناه وفحواه. ولا أقول ان ذلك غدا معدوماً الآن، لأن وكما يردد المثل) لو أنها خُليت لخُربت (ولكن لعلي أقول انه بات من النادر أن نسمع مثل ذلك، صوتاً من الزمن القديم، ولمحة من التراث اللفظي. إن التربية لهذا الشهر الفضيل اقتصرت على التلفاز، فأصبح المربي الأعظم والملاذ الآمن، الشاشة التي تأخذ وقتاً ونادراً ما تُعطي فائدة، هو وكما يقول أحدهم تحوّل من ثلاثين ليلةٍ إلى ثلاثين حلقة.. إن الفرص التي تُعطى في هذا الوقت، باهظة الثمن للكيس، نفيسة غالية لمن أنار الله عقله، وألهمه دربه، فلنبدأ بتربية أنفسنا وأبنائنا، التربية التي لا تضيع بها الفرص، ولا تذهب بها الغنائم، ولا نسمح بأن يأخذ منا التلفاز حق التربية في ذلك، فنحن أولى بأهلنا وأولادنا ومجتمعنا وأمتنا. ولنوجه بقلبٍ سليمٍ وبطيبٍ حرفٍ ومنطق، لعل الأجيال القادمة تتذكر ما كان منا، كما نتذكر الآن أجدادنا، ولعلهم يومئذٍ يتساءلون في أي تلةٍ من تلال الجنة تتكئون يا أهلنا.