14 سبتمبر 2025
تسجيلتكمُن حقيقةُ الإيمانِ التي أمرنا الله بها في التصديق القلبي فتتحقق التقوى بعبادة القلب مع عبادةِ الجوارح، فبينهما علاقة تلازم، فعبودية القلب تلزمها عبودية من الجوارح، فنحسن العبادة باطنًا كما نحسنها ظاهرًا، إن الإيمان الذي في القلب لا بد أن تُصدِّقه الجوارح بأعمالها، فإن التصديق يكون بالأفعال كما يكون بالأقوال. ولقد مَنَّ اللهُ على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ، بعدَ نعمةِ الإيمان باللهِ، لا تُحصَى ولا تُعد. قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨]. ومن أهم تلك النعم جوارح الإنسان كلها ومنها جارحة السمع وعضوها الأذن، وهي من الجوارح المهمة التي لا يستغني عنها أي شخص ليمارس حياتَه بشكل سهل، فلها دور أساسي في عملية الإدراك وتحصيل العلوم، والتعلم، وقد ربط الله بينها وبين العقل لوثيق الصلة بينهما، حيث قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]. فيجب على الإنسان أن يكون عابدًا شاكرًا لله على تلك النعمة وغيرها مما أنعم الله بها عليه. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]. ومن أُولَى مراحلِ الشكرِ لله أن يستخدمَ الإنسانُ تلك الجارحةَ فيما أمرَ اللهُ تعالى، وإبعادها وحفظها عما نهى الله تعالى، وأن يحاسبَ الإنسانُ نفسَه عن كل ما تتعرض له أذنه من أحاديث ومواد سمعية من حين طلوع الشمس إلى غروبِها ولا سيما في شهر رمضان المبارك؛ فيحفظُ المسلمُ جارحةَ (الأذن) عن سماعِ ما لا يُثاب عليه، فالأذن تَجتَرِح السمع، والسمع من أهم جوارح الإنسان وأشرفها كما ذكرنا إذ هو المُدرِك لخطاب الله وشرعه الذي يكون به التكليف، فالإنسانُ مسؤولٌ عما اكتسبه بأذنِه من استماعٍ، فإن المستمعَ شريكٌ للقائلِ، فعليه استعمالُ أُذُنه في استماعِ كل ما هو مأمورٌ به من قِبَل الحق سبحانه وتعالى، كاستماعِ تلاوةِ القرآنِ ونحوه، وحفظها عن استماعِ ما نهى الله عنه كأصواتِ لهوٍ محرمٍ ونحوه، قَالَ تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ}[النساء: ١٤٠]. فيجب علينا حفظ أسماعنا عن التجسس، والتنصت، وتتبع عورات الناس، فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن مثل هذا الفعل. وحفظ أسماعنا عن الإنصات إلى مَن يغتاب الناس، ومشاركته الحديث، وانتهاك أعراض الناس. وحفظها عن الإنصات للهو الحديث، كالكلام القبيح، والغناء الفاحش، لما في ذلك من إثارة لغرائز النفس وشهواتها. ويجب علينا أن نُمتِّع أسماعنا في هذا الشهر الكريم بالإنصات إلى القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والإنصات إلى حلقات العلم وكل ما هو نافع ومفيد لك في دينك ودنياك، والإنصات إلى الأقوال الطيبة، والنصائح، والخطب، والمحاضرات المهمة. نسألك اللهم أن تجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. اللهم آمين.