12 سبتمبر 2025

تسجيل

فتاوى تحت الطلب

24 مايو 2014

إنتاج الفتوى الدينية عملية معقدة للغاية ولا يقوم بها أو يصدرها إلا علماء ثبت رجحان وعيهم الشرعي وعلو فقههم، أو مؤسسات دينية بحثية تعتبر مرجعيات لكل القضايا الشرعية التي تمس واقع المجتمعات، وحين تضطرب الفتوى فذلك مؤشر سلبي عميق لاضطراب أحوال الناس وتناقص احترامهم لعلمائهم ومشايخهم، والأسوأ أن يلحق بعقيدة الناس ضرر بالغ سببه الارتباك والتناقض ولا معقولية المعنى الكامن في الفتوى.في عصرنا الحالي أصبح بإمكان كثير من غير المؤهلين لإصدار الفتوى أو الرأي الفقهي والشرعي أن يدلوا بآرائهم ويصرحوا بمجريات إفتائية غير معقولة بداهة، وهذا الأمر يؤسس للفوضى العقدية ويربك الفرد والمجتمع، إذ إن هناك فتاوى كثيرة تبدو عصيّة على الفهم والقبول، ومن أصدرها غير مؤهلين حقيقة لتجاوز حساسية الإفتاء وتغيير سلوكيات الناس التعبدية والدنيوية التي ترتبط بمعاملاتهم وعلاقاتهم.فتاوى مثل إرضاع الكبير وغض الطرف عن علاقة محرمة للزوجة مع عشيق مستحدث أو قديم، تكشف عن إرباك كبير لأخلاقيات المجتمعات الإسلامية وكأن ما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة هو الشاغل عن كل الشواغل العظيمة للأمة، وهي فتاوى تؤسس للإباحية والانحلال وإدخال المجتمعات في أفكار غير أخلاقية تصبح من عاداتهم، ولا أعتقد أن عاقلا يجرؤ على تحمّل وزرها ونتائجها على الصعيدين الديني والدنيوي.أولئك المفتون إنما يطلبون أن نقبل بما لا يعقل أو يمكن تصوره، ويحولون المجتمع إلى غابة دون ضوابط أخلاقية، أو مجاهدة ومنافحة للتحكم في الغريزة الحيوانية، فالمطلوب من كل فرد، وفقا لذلك، إماتة الغيرة في النفس والسماح للمحارم بارتكاب الموبقات والمحرمات بغطاء شرعي، حيث يبدو واضحا أن أصحاب تلك الفتاوى ربما كانوا أكثر ميلا وقبولا لإرضاع محارمهم لغيرهم من زملائهن في العمل، أو أن يخلين بالرجال للقيام بممارسات جنسية تشبع الغريزة، ذلك فعل قد تأنفه حتى الحيوانات، فكيف يمكن تشريعه بفتاوى رخيصة وهزيلة ومقززة؟!!لا بد من ضوابط للمجالس الإسلامية في مجتمعاتنا لكف الأذى الفقهي الذي يمارسه الأدعياء والشذاذ، فالإفتاء أمانة ثقيلة تعلق في الرقاب وتحتاج لبحث ودراسة وعمق في فقه الواقع ولا يمكن الاقتراب منها بهذا المستوى السطحي الذي يغرق المجتمعات وأصحاب النفوس الضعيفة والمريضة في وحل أخلاقي رديء، بدلا من تعزيز القيم الأخلاقية في أنفسهم والارتفاع بوعيهم وإنسانيتهم إلى المستويات التي تمنحهم الكوابح الضرورية للنفس الأمّارة بالسوء.إعلامي سعودي*