14 سبتمبر 2025

تسجيل

حرب النجوم الإيرانية في الخليج العربي

24 مايو 2014

توالت في الآونة الأخيرة حروب إعلامية هي بمثابة إسهال من سيل تصريحات مثيرة لقادة جهاز الحرس الثوري الإيراني حول قدرات إيران العسكرية المتعاظمة وحول السيطرة الإيرانية المطلقة على التحركات العسكرية في مياه الخليج العربي، وحول عجز أساطيل الولايات المتحدة وقواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة أمام جحافل زوارق الحرس الثوري المطاطية التي تصلح لتهريب البشر والحشيش أكثر من صلاحيتها وجاهزيتها لعمليات الالتحام والاشتباك المباشر!، فقد أعلن أحد قادة البحرية الإيرانية وهو الأدميرال علي فداي عن خضوع أمريكي تام ومطلق وكامل لرغبات وأوامر أهل الحرس الثوري!! وبأن حاملات الطائرات الأمريكية باتت اليوم تطيع توجيهات وأوامر قادة البحرية الإيرانية التي هيمنت تماما وجعلت الأمريكان كالفئران المذعورة يهربون للحفر والثقوب خوفا من غضبة (الباسدران)!! بل إن الأميرال فداي لم يتردد عن إطلاق صاروخ دعائي عابر للقارات من المبالغات المضحكة والمثيرة للسخرية حول قدرة البحرية الإيرانية وطائراتها الموجهة دون طيار على إبادة الأساطيل الأمريكية في 50 ثانية!! أي بأقل من دقيقة. خصوصا حكاية الطائرة (فطرس) وأسطوريتها الرثة، وهو ما يجعلنا نستغرب عن سر صمت تلك الصواريخ والطائرات أمام إسرائيل، وعدم المبادرة بالتخلص الفوري من الدولة العبرية، فإذا كان زمن نهاية الأسطول الأمريكي في الخليج العربي 50 ثانية فقط لا غير!. فإن زمن التخلص من جيش الدفاع الإسرائيلي قد لا يتجاوز 30 ثانية!! وفقا لرؤية الجهابذة في إعلام الحرس الثوري. سيل التهديدات الإيرانية المبالغ بها والاستعراضات المضحكة برا وبحرا وجوا، لا يعبر عن قوة بقدر ما يعبر عن حالة من الهستيريا العسكرية المعبرة عن رعب حقيقي من احتمالات المستقبل ومن نتائج توسع الوجود والتورط العسكري الإيراني في شرق المتوسط من خلال الإيغال والتوسع المطرد في دعم نظام بشار الأسد والتورط التدريجي في السباحة في المستنقع السوري الدموي ومواجهة الشعب السوري بأسره، وبما يشكل حالة استنزافية كبيرة للاقتصاد الإيراني المرهق أصلا من نتائج وتداعيات العقوبات الغربية. لجوء السلطات الإيرانية للتركيز على الجانب العسكري والتهديدي في العلاقة مع دول الجوار العربية هو رسالة سياسية وإعلامية ليست في صالح النظام الإيراني، وأمر لا يصب في خدمة جهود التهدئة والأمن والسلام والتقارب بين دول وشعوب المنطقة، فالتقارب لا يكون أبدا عن طريق التهديدات أو استعراضات القوة الخاوية من أي مضامين حقيقية. قيادة الحرس الثوري الإيراني تعي جيدا أنه لا توجد أي خطط إيرانية حقيقية لتوسيع خطوط الاشتباك أو رسم قواعد الاشتباك مع القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة من بغداد شمالا وحتى رأس مسندم في بوابة الخليج العربي؛ لأن ذلك لو حصل فعلا فإنه سيغير الكثير من الأمور وسيكون كابوسا ثقيلا على إيران ذاتها بعيدا عن أي فذلكات إعلامية أو دعايات تزويقية أو أحلام العظمة أو أوهام القوة الخادعة التي تؤدي بصاحبها لموارد الهلاك كما حصل أعوام 1990 و2003، المشكلة في القيادات العسكرية الإيرانية التابعة للحرس الثوري يكمن في تصورها بأن التهديد بالحرب والدمار هو خير وسيلة للسلام عبر ترويع وتخويف دول الجوار، وهو تصور خاطئ ومتطرف في منهجيته وأسلوبه، كما أن زمن عرض العضلات الضامرة قد ولى، وإيران تعيش اليوم تحديات حقيقية حول ضمان مستقبل ولقمة عيش الشعب الإيراني التي تهددها حالة الاستنزاف العسكري وعسكرة الاقتصاد الإيراني وهو ما سيدفع الشعب ثمنه بكل تأكيد، أوهام القوة الفارغة هي أسرع وسيلة للغوص في الجحيم.. فما أكثر العبر وأقل الاعتبار.