18 سبتمبر 2025

تسجيل

مايونيز عالي السعرات

24 مايو 2011

تخيل طفلاً جائعاً ويعيش ظلاماً حالكاً يتسول اللقمة ويحلم بالشمعة وفجأة تمتد يد في الظلام وتعطيه طبقاً من الطعام يستبشر الطفل فرحاً ويمني نفسه بما يسد رمقه ويطفئ لهيب جوعه.. يمد يده لتتخلل أصابعه شيئاً لزجاً سائلاً لا قوام له!.. يهرب بطبقه إلى هوة ضيقة من سقف داره تستقي من نور القمر ما يمكن أن يكتشف هوية ما بيده... مايونيز!.. نعم هو مايونيز يحمل اللون والطعم الذي يؤكد انه مايونيز وليس شيئاً آخر يمكن أن يثبت لهذا الصغير العكس!.. هذا ما قرره الرئيس الأميركي باراك أوباما في سماحه بدخول أربعة أنواع من السلع الغذائية لقطاع عزة كانت أولها (وجبة المايونيز الفاخرة) لإشباع الأفواه الجائعة لشعب غزة!!..إذن فالمسألة ليست تخيلاً كما بدأت بها قصتي وإنما هو واقع سيكون شعب غزة أبطاله كما عودونا دائماً على تصديق ما لا رأته عين ولا سمعت به إذن!!..يحليلك يا أوباما!.. يا لقلبك العطوف الحنون!.. فحينما سمحت معاليك بإطعام قطاع محاصر منذ أكثر من ثلاث سنين اخترت أن تكون وجبتهم ذات سعرات حرارية مرتفعة ولا يستغنى عنها على الموائد الشهية لكن معالي الرئيس الكريم الرحيم نسي أن المايونيز لا يؤكل مع الهواء وانه لا يبدو مستساغاً إن تم أكله وحيداً وعليه فإن مكرمة الرئيس تبدو مضحكة وغبية وتدل على ان شخصاً متذاكياً يظن بأن شعب غزة يمكن أن يغافلهم بهذا الكرم المايونيزي وإن أميركا ستصفق لرئيسها المبجل على حنانه ودحضه للشائعات المغرضة التي تحاول النيل منه رغم حداثة حكمه!!.. تباً!.. هل هذا هو ما كنا ننتظره يا حكوماتنا العربية المحترمة؟!.. هل هذه هي نتيجة مداولاتكم ومباحثاتكم ومطالباتكم الرنانة برفع الحصار عن غزة الباسلة؟!.. مايونيز؟!!..هل هذا هو الحل؟!..بعد أكثر من 1095 يوما عاشته غزة ولا يزال شعبها يحصي الأيام التي تتوالى وهو واقع تحت إفقار متعمد وإبادة جماعية مشرعة من إسرائيل وأميركا ومشروعة من حكوماتنا العربية والحل يكون في المايونيز؟!!.. والله لا أدري هل أضحك أم أبكي أم أكتفي بابتسامة يعرف الجميع منها اسمي وكفى الله قلبي شر الهم والذم؟!!.. لكن لا وألف لا.. سأقول ما يختلج بقلبي وأصرخ بأوباما رغم شعوري الأكيد بأنه لن يسمع ولن يستطيع أحد أن يوصل صوتي له إنك أفعى وتحمل من السم الزعاف ما يمكن أن يقتل كل من يسكن الكرة الأرضية وأعني كل الكائنات الحية باختلاف أنواعها!!..أفعى تعرف تماماً كيف تصطاد فريستها ومن أي تؤكل كتف هذه المسكينة!!..هذا أقل ما يمكن أن يقال عن أوباما الذي استبشر به العرب والمسلمون قبل الأميركيين والعالم الأوروبي حينما اعتلى سدة الحكم الأميركي حتى إن بعضهم قال إن أصوله الأفريقية ستجعله قريباً من العرب الذين تتقارب بيئتهم من بيئة أوباما السابقة!.. اليوم يأتي هذا الوسيم (الأخرق) ليقدم مبادرته السباقة في إسكات البطون الغزاوية بسلعة المايونيز لتكون سيدة الموائد الفلسطينية باعتبار ان أهل غزة يملكون موائد من الأساس!..فأين العرب ليقدموا البطاطا والهمبرجر لإكمال شعور لذة الطعم مع المايونيز؟!.. هذا ما كان ينقصنا والله!..فبعد مذبحة غزة قلنا سيفك الحصار ولن يسكت العرب فأصابهم خرس اختياري!!..وجاء الاجتياح اليهودي النتن على ساحة الأقصى ومحاولة الجهلاء منهم هدمه حينها قلنا من المؤكد الأكيد إن العرب سيهبون وسيحاربون لتأتي الرياح الأميركية وتطيرهم ولا تبقي لهم أثراً!!..وأمس أقدمت إسرائيل على جريمة جديدة ولن تكون الأخيرة بقتلها لنشطاء دوليين في عمق المياه الإقليمية القريبة من شواطئ غزة المعدمة لنشعر بأن العرب ستقوم قائمتهم وعمار عمار يا وطننا العربي الكبير لتأتي بطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا العمق الذي خرج منه أوباما ليكتمل نشيدنا الحماسي دمار دمار يا فلسطين!!.. رباه خلقتنا عرباً نتعاطى اللغة العربية كما يتعاطى كبارنا الاستسلام والخنوع والخضوع وخلقتهم بلغات مختلفة ويوحدهم كره شريعتنا وهدفهم بأن نبقى الرقم الأخير في السباق الدولي للرقي بحياتنا وشعوبنا!..حسناً لا يبدو إنني متأكدة إن كان علي أن أعيب على أوباما مايونيز أو على العرب المتنعمين والمتخمين بالوجبات السريعة الذي يدخل المايونيز ضمن أساسياتها ولكني على ثقة بأنه إن كان أوباما أفعى سامة فإن العرب هي الحظيرة التي تأوي هذه الأفعى وتحرص على تغذيتها وتسمينها ولكن بدون مايونيز.. أنا متأكدة من هذا!!. فاصلة أخيرة: في ساعةِ الولادة ْ أمسكني الطبيبُ بالمقلوبْ لكني صرختُ فوق العادة ْ رفضتُ أن أجئ للحياةِ بالمقلوبْ!! فردني حراً إلى والدتي قال لها: تقبلي العزاءَ يا سيدتي! هذا فتى موهوب ْ! مصيرهُ في صوتهِ مكتوبْ! وقبل أن يغادر العيادة ْ قبّلني!.. ثم بكى! ووقعَ الشهادة ْ!!. (( أحمد مطر))