13 سبتمبر 2025

تسجيل

ظاهرة الهجرة إلى أوروبا وإشكالاتها

24 أبريل 2016

يعاني اللاجئون العرب إلى أوروبا، خاصة السوريين، من ظروف إنسانية صعبة، بسبب نظم وقوانين بعض الدول الأوروبية التي ترفض المهاجرين وفق قوانينها وإجراءاتها في هذا الجانب، ربما لأسباب سياسية واقتصادية، وأكثر هذه المعاناة لحقت باللاجئين السوريين الهاربين من جحيم القتال بين النظام والمعارضة منذ قيام الثورة السورية منذ خمس سنوات، ولا شك أن ظاهرة الهجرة إلى أوروبا من دول عديدة ظاهرة عامة لأسباب اقتصادية، وهو الجانب الغالب على هذه الهجرة المزايدة في العقدين الماضيين، وقد وضعت الدول الأوروبية العديد من الإجراءات الأمنية والمراقبة الحدودية للحد من الهجرة إليها، مع أن الإجراءات والقوانين التي وضعت تخالف حقوق الإنسان في بعض الإجراءات. ويرى الأكاديمي الفلسطيني د/ بشارة خضر، وهو أستاذ في جامعة لوفان في بلجيكا، بخصوص هذه السياسة لمواجهة الهجرة إلى الغرب إن وراء إجراءات المراقبة والحراسة المقترحة والمتبناة من قبل السلطات الأوروبية، والسياسات المتخذة من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، شاغل أمني مضمر في كامل المقاربة الأوروبية لمسألة الانتقال الحر، وبخاصة بعد 11 سبتمبر 2011. لكن من الواضح أن هناك هموما أخرى، إذ يتم الكلام، عشوائيًا، عن تدهور البيئة التي يتسبب بها التدفق الكثيف للأجانب، والخطر الذي يمثله هذا التدفق على أنظمة الرعاية الاجتماعية وخطر تآكل "الهوية" على الجمعية من خلال امتصاص مجموعات سكانية تحمل سمات اجتماعية وثقافية ودينية مختلفة، والتنافس المحتمل في سوق العمل، والضغط القوي على الأجور باتجاه الأسفل. إنها كما يقول د/ خضر محاججة تخفي الإسهامات الإيجابية لموجات الهجرة على الصعد الاقتصادية والديمجرافية والثقافية، وإذا كان الاتحاد الأوروبي قد بدأ بـ"تشريع" ووضع خطط العمل والإجراءات بخصوص حرية الانتقال فلأنه تبيّن صعوبة تحقيق الانتقال الحر داخل "البيت الأوروبي" دون أن يتم التفاهم في الوقت نفسه بخصوص إجراءات دخول هذا البيت المشترك".والذي أثار الخوف والتوجس من بعض دول أوروبا، هو الهجمات والتفجيرات في العديد من الدول الأوروبية منذ سنوات في العديد من الدول الغربية، ولهذا من حقهم أن يشددوا الإجراءات للحد من هذه الهجمات، وهذا موجود حتى بين الدول العربية نفسها، والمسألة تحتاج إلى عدم التعميم على كل الهجرات إلى أوروبا، خاصة في الجوانب الإنسانية المؤقتة، مثل تدفق اللاجئين السوريين والعراقيين الهاربين من الصراع داخل دولهم، ولا شك أن قضية المهاجرين العرب والمسلمين في الغرب، تشكّل هاجسًا كبيرًا للكثير من المهتمين والباحثين الغربيين. ففي المؤتمر الحوار الإعلامي العربي / الألماني الذي عقد في 2004 بمسقط، لاحظت عندما حضرت هذا المؤتمر، أن العديد من المشاركين يطرحون هذه الهواجس، ومستقبل هؤلاء كمواطنين جدد في البلدان الأوروبية، ومسألة الاندماج والهوية والثقافة...إلخ. وهذا التوجسات ازدادت بعد الحادي عشر من سبتمبر 2011 بشكل أكبر، وجعلت الغرب أكثر توجسًا من المسلمين، أو ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا"، وهذا ما جعل الغرب يضع الكثير من الإجراءات والاحتياطات للهجرة من العرب والمسلمين، وهذه ما سببت للكثير المتاعب والمشكلات للهجرات الإنسانية العربية والمسلمة عمومًا، لكن هناك أصواتًا من الغرب ترى الأمر من زاوية أخرى مختلفة عما يقوله البعض من السياسيين وصناع القرار في الغرب عن الهجرة والخوف من المسلمين، ويرى الكاتب الفرنسي "إيدوي بلينيل" في كتابه "من أجل المسلمين" الصادر العام المنصرم "إن قضية المسلمين يتم توظيفها بكثافة لصناعة عدو داخلي، بالمنهجية نفسها التي شرحها المنظّر النازي كارل شميت، وذلك لخلق حالة من الفزع لدى جزء مهم من الرأي العام الفرنسي الذي أصبح يتبنّى مواقف عنيفة ضد قضايا الهجرة، التي صارت مرادفة في الكثير من وسائل الإعلام للإسلام والإرهاب والغزو الفكري والانحراف، وغيرها من مفردات القاموس الكزينوفوبي (كراهية الأجانب). في سنة 2013، أشارت اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان إلى "استفحال العنف". وذلك في تقريرها السنوي حول العنصرية ومعادية السامية والكزينوفوبيا، وإن المعطى الأكثر ثباتًا وتجذرًا في هذا العنف هو التعصب المعادي للمسلمين". من هنا يحذر "بلينيل" من التوظيف المتهافت للإسلاموفوبيا بذريعة حماية اللائكية (العلمانية) وتحصينها، كما يؤكد على استعجالية وراهنية التصدي للتوظيف السياسي لقضايا الهجرة والإرهاب، مؤكدًا على ضرورة الفصل بين القضيتين وأن ليس بينهما علاقة السبب والنتيجة كما يحاول البعض التدليل على ذلك بلّي عنق الحقائق وتزييف الوقائع. ويدعو إلى مقاربة سؤال الإسلام بمفاهيم التلاقح الثقافي والتنوع الحضاري وتعدد الهويات وديناميتها، مجابهًا أي محاولة لاستثمار الموضوع سياسيًا، ومنتصبًا في وجه فئة من المتعصبين.ولا شك أن التعصب من بعض السياسيين والنخب الفكرية في الغرب يسهم في هذا الاحتقان من جانب، والغلو والتطرف من بعض المسلمين أيضًا جعل الغربيين يتوجسون من المسلمين، بسبب بعض الأعمال والممارسات التي تثير التوتر والقيود والمعاناة لدى المقيمين والمهاجرين من المسلمين الذين ليس لهم هدف من الهجرة سوى العمل والعيش الكريم في بعض الدول الغربية. فإذن هناك سلبيات من بعض السياسيين المتطرفين في الغرب.