14 سبتمبر 2025
تسجيلمع تزايد الاضطرابات والحروب التي تشهدها دول العالم الثالث، خاصة في إفريقيا والعالم العربي، زادت أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل، وبالتالي تزايد أعداد الضحايا الذين يغرقون في مياه البحر المتوسط في القوارب والسفن التي تحملهم إلى شواطئ أوروبا. وفي مواجهة ذلك تتخذ الحكومات الأوروبية سياسات عقابية ضد هؤلاء المهاجرين تقوم على تركهم يغرقون في مياه المتوسط حتى يكونوا عبرة لغيرهم وردعا لهم من التفكير في هذا الأمر.ولعل ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من ترك الحكومات الأوروبية حوالي 700 مهاجر للغرق قبالة السواحل الليبية أكبر دليل على ذلك. حتى أن تصريحات بعض المسؤولين الأوروبيين تؤكد على هذا المعنى، حيث تساءل رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز: "كم عدد الناس الذين يجب أن يغرقوا قبل أن تتحرك أوروبا؟". وهو ما أكده الخبير في الشؤون الأوروبية نيكولا غرو فيرهايد الذي قال إن "هذه الإستراتيجية الأوروبية تقوم على الانتظار حتى سقوط الضحايا وهي جريمة لا أحد يجرؤ على الاعتراف بها سواء في بروكسل أو برلين أو باريس أو ستوكهولم، ولكنها جزء مما يسمى بالسياسة الواقعية التي لخصها أحد المسؤولين عن عمليات الإغاثة البحرية، حينما أشار إلى أنه من الأفضل أن يموت اللاجئون في عرض البحر لأن ذلك يعد رادعا أفضل من إنقاذهم، والتكاليف أقل سياسيا وماليا".وقد لاقت هذه الإستراتيجية نقدا حادا من المؤسسات والمهتمين بهذه القضية، حيث يقول الخبير في الشؤون الأوروبية دانييل غوميز إنه "لم يعد ممكنا للاتحاد الأوروبي والقوى العالمية الجلوس على الهامش ومشاهدة المأساة تدور بشكل بطيء أمامهم"، مضيفا أن إدارة الإنقاذ البحري ليست مجالا يحتاج إلى معجزات، هو فقط يحتاج إلى إرادة وتشريعات يتم إعدادها بشكل جيد ثم إدخال التعديلات على صياغتها، كما دأب الاتحاد الأوروبي على التعامل مع مجموعة من الملفات المشابهة.لكن هذه الأفكار لا تجد آذانا صاغية من مسؤولي الحكومات الأوروبية أو مسئولي الاتحاد الذين ما زالوا يعتمدون على إستراتيجية الموت لمواجهة القضية مع إطلاق تصريحات للاستهلاك الظرفي التي تتحدث عن ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة حوادث غرق المهاجرين غير الشرعيين. فلم تمر سوى ساعات على كارثة مقتل الـ 700 مهاجر قبالة سواحل ليبيا، حتى أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يتجه نحو عقد قمة خاصة لملف الهجرة غير الشرعية خلال الأيام القادمة، وذلك لدراسة خيارات إطلاق عمليات بحث وإنقاذ متكاملة في البحر على مستوى دول الاتحاد الأوروبي.كما دعت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي حكومات الدول الأعضاء بالاتحاد إلى دعم التحرك لحماية المهاجرين السريين، مضيفة أن الوقت قد حان لأن يتعامل الاتحاد الأوروبي مع تلك المآسي دون تأخير"، وأضافت "نحن بحاجة إلى إنقاذ الأرواح كلها بنفس قدر حاجتنا جميعا إلى حماية حدودنا ومحاربة الاتجار في البشر".من جانبه دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وزراء خارجية وداخلية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي للاجتماع في أقرب وقت، لبحث تحسين أساليب التعامل مع هذه الحوادث".ويبدو أن كل هذه التصريحات والدعوات هي مجرد استنساخ لتصريحات سابقة من هؤلاء المسئولين في مواجهة حوادث مماثلة، وهو ما يعني أن أزمة المهاجرين وسقوط ضحايا منهم، ستستمر في السنوات القادمة، خاصة مع استمرار القلاقل والحروب التي تشهدها الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المهاجرون.