13 سبتمبر 2025

تسجيل

طفل اليوم.. رجل الغد

24 أبريل 2014

إن المجتمع المتقدم هو الذي يولي الطفل رعاية خاصة فيكون طفل اليوم ورجل الغد، فحبنا لأطفالنا هو آلية نفسية طورها الجنس البشري لحفظ ذريته في المقام الأول فهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله وهذا شعور يتدرج بحسب حاجتهم إلينا ومدى قربنا منهم وفترة عيشنا معهم، فالطفل كيان إنساني سليم وليس حالة خاضعة لنظريات تربوية قد تخطئ أو تصيب فالأطفال هم سمة الحياة والشيء الجميل فيها فهم يزينون الحياة بالبهجة والسعادة والتطور، لأنهم حماة المستقبل الواعد الذي سيأتون إليه بهمتهم ونشاطهم وحركتهم الدائمة التي تملأ البيت حبورا وسرورا، أننا سنظل نحبهم حتى إن عصونا أو هجرونا أو رفضوا رد الجميل إلينا فإننا نحبهم لأنهم عاجزون وضعفاء ويحتاجون لرعاية أشخاص أكبر منهم سنا فهم قطعة منا ويشكلون امتدادا وراثيا لأجسادنا، فالحب آلية نفسية تطورت لدينا بهدف حماية المخلوقات الضعيفة والعاجزة عن رعاية نفسها وآلية الحب هذه تتبلور وتنمو بداخلنا حين نعيش قرب الأطفال، فعندما تسأل عن أحب أبنائك إليك فليكن الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى والمسافر حتى يعود، فالأولوية للصغير لأنه الأكثر ضعفا وحاجة وللمريض لأنه الأحق بالرعاية والخدمة والمسافر لأنه الأكثر عرضة للاحتمالات الخطيرة، فتربية الطفل ذات أهمية بالغة وذلك لأن الطفولة تمثل المرحلة الأولى في بناء الأسس الأولية للشخصية وهذه الأسس يتم بناؤها على مراحل، لذا نجد أن المنزل أو المدرسة والمجتمع ككل له دور كبير في تربية الطفل ومن ضمن جوانب تربية الطفل التربية القرائية وذلك مما يثير دوافع الطفل للتعبير عما يكتسبه من مهارات.الطفل هو اللبنة الأولى لبناء إنسان الغد المتطور وصناعة قادة المستقبل، فإذا ما أعددناه بالتربية الاجتماعية الصحيحة، ووفرنا له قنوات الثقافة وسخرنا له بعض الجهد الإعلامي أعددنا جيلا قويا مثقفا طموحا قادرا على العطاء الإبداعي السليم عطاء العمل والخير والحب، فطفلك الصغير هو مليكك المتوج في مملكة حياتك، لأن ذلك من فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها فهم زينة الحياة الدنيا، فمما لا يخفى علينا أن الإنسانية لم تكن لتتقدم وتتطور وتنمو وتتحضر لولا اهتمامها بالطفل كنواة حقيقية للمجتمع الآدمي المنشود، فالأمم التي نجحت في بناء حضارات إنسانية متميزة إنما هي الأمم التي اهتمت أكثر من غيرها بالطفل كأمل للمستقبل الموعود، إذ يجب علينا الاعتقاد بأن الله تعالى قد منح الطفل من الملكات الفطرية والقدرات الأولية مما تجعله له قدرة على التكيف والتعلم واكتساب المهارات، فوظيفتنا تجاه الطفل هي تقديم يد المساعدة له حتى تنضج تلك الملكات وينمي تلك القدرات، وقد يجد الوالدان صعوبة في التكيف معهم والتعامل مع كافة متطلباتهم في هذه الحياة، وقد يجهل بعض الآباء والأمهات أمورا كثيرة، الأمر الذي يشعرهما بالإحباط في حالة التعامل مع أطفالهم، فالولد في حال الطفولة مستعد أن يتقبل كل توجيه متأثرا بغريزة التقليد فهو يستوعب كل شيء أمامه ويختزنه في ذاكرته ثم يقلده ثم يصبح له شيء مألوف وعادة.فالتربية قائمة على النظر والتجريب والتقليد والمحاكاة لما يقوم به الكبار في حياتهم اليومية من نشاطات، كل ذلك بهدف تهيئة الطفل ليتحمل ضغوط الحياة الصعبة التي كانت تمر بها الأمم فضلا عن تعلم المهارات التي تفيده في حياته ومعيشته، إلا أنها مع وجود كل تلك العوائق الصعبة نجحت فعلا بخلق نماذج من البشر تمكنوا من خدمة مجتمعاتهم والارتقاء بها لتتحول بجهودهم وتضحياتهم إلى مجتمعات متحضرة بنت حضارات شامخة ما زالت آثارها قائمة إلى يومنا هذا، فالطفل عادة ينشأ على ما اعتاده منذ الصغر وكما قيل التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، ولاشك أن للمنزل وللتربية الأسرية دورا كبيرا في هذا المجال، لذلك فهو يتأثر بالثقافة التي يعيش فيها لأنه يعيش فترة الاتجاه الإيجابي نحو العالم الخارجي وفترة التساؤل وحب الاستطلاع والإقبال على المعرفة واستكشاف البيئة والتكيف الثقافي الذي يجعله يمتص طرق التفكير والتعبير عن مشاعره ورغباته، وهو يكتسب معظم السمات الثقافية لشخصيته والاتجاهات والميول والتقاليد والعادات واللغة وطريقة الكلام، كما أن الخبرات المبكرة لها اهمية في حياته ولها تأثير على سماته الشخصية، فجميع الديانات السماوية سعت إلى بناء الطفولة الحقيقية وصيانة حقوق الطفل. والإسلام رسالة مكملة للرسالات السماوية السابقة وخاتمة لها جاءت لتكمل بناء الإنسان وترميم علاقاته بما يتوافق مع إنسانيته وقيمته كخليفة لله وككائن أسمى في الوجود، فقد أراد الإسلام أن التربية تبدأ من نطاق الأسرة ذاتها ولذا وضع قواعد للتفاهم الأسري بوجوب الاحترام المتبادل، فلقد علمنا الهدي النبوي أن خيركم خيركم لأهله.