14 سبتمبر 2025

تسجيل

ثلاث في ثلاث

24 أبريل 2011

كل يوم نردد (لا فرق بين عربى واعجمي) وكل يوم على النقيض نسأل: فلان (ما اصله)؟ كل يوم نقول مصيرنا للتراب ولباسنا الكفن الابيض وعلى النقيض نعيب فلاناً لرداءة لبسه او لقدم بيته؟ وكل يوم نلحن لا نستطيع كفالة يتيم او التصدق على المساكين وعلى النقيض نجد كل شهر زيادة فى رواتبنا؟ 1 — لنقف دقيقة صمت امام هذه السطور القادمة التى لا اريدكم ان تقرأوها بألسنتكم بل اريد ان تنبض قلوبكم وتدمع اعينكم حين قراءتها ارجو ان يوفقنى الله فى مقالى هذا لشرح الفكرة التى ان اريد توصيلها بطريقتى البسيطة وغير المعقدة. تخيل معى ايها الفاضل وصف هذا البيت: ابعاد المنزل اربعة امتار ونصف المتر، وارتفاعه ثلاثة امتار، به حجرة صغيرة ابعادها ثلاثة امتار ونصف المتر فى ثلاثة امتار، مصنوعة من خشب عرعر، بيت بسيط خال من مظاهر الترف، لا توجد به صالة ولا مجلس بل ولا ذلك الحمام الافرنجى الذى نتهافت عليه ونضيع اموالنا لتغييره كل ستة او ثمانية اشهر، ثم نتذمر ونتأفف انه لا يعجبنا، اتعلمون لمن ذلك البيت انه لخاتم الانبياء وحبيبنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام، ومن ذلك البيت وصلنا لما عليه اليوم نحن، لكن طغى على تواضعنا الكبرياء الذى لا اساس له، نسينا ان افضل خلق الله قضى عمره فى بيت بسيط للغاية، وان ذلك البيت دليل على تواضعه عليه السلام، بالرغم انه لو طلب من ربه كنوز قارون لوجد اكثر منها، لكن بساطته دليل ان الدنيا وتلك الكنوز فانية وجنة الرحمن هى الباقية، لو تقيدنا به وعشنا كما عاش والله لم يتسلل الحقد والحسد فى قلوبنا، لكننا افضل من يمشى على الارض مرتاح البال بعيد كل البعد عن الهم فمصيرنا الى الزوال. 2 — طغت المادة وطغى الغرور على قلوبنا فاصبحنا لا نقول اصبحنا واصبح الملك لله بل نقول هل هناك زيادة هذا الشهر فى رواتبنا؟ حب المال افسدنا وافسد اخلاقنا، بل وفرق شملنا، كم منا من يعانى من تقصير اهله وعدم سؤالهم عليه، لكن بنهاية الشهر تهل المكالمات عليك كى تساعدهم ببضعة ريالات، كم منا من لديه المال لكنه محروم من السعادة؟ بالمال نحن نأكل ونشرب لكن لا نشترى الصحة والصحبة، كم منا عند رؤيته للمال يشكر الله ويتذكر ان الذى اعطاه قادر ان يمنعه، بالشكر والعرفان تزيد نعم الله، بالنكران والجحود يحرمك الله، من منا يتذكر ان رزقه قابل للزيادة ان ساعد محتاجاً؟ وكم منا من تدمع عينه لان له اخواناً لم يجدوا لقمة عيش لكى يسدوا جوع بطونهم بها، وهل بيننا من يرفع يده قبل ان يضع لقمةً فى فمه ثم يقول يارب لا تحرمنى منها فلك الشكر عليها، لدينا مشاريع خيرية كثيرة لكفالة الايتام او طباعة مصاحف لكننا نخبىء انفسنا كالنعام ونعوق فكرنا حتى لا يصل الينا الملام ونتذكر ان الرواتب لا بركة فيها، كيف تريد المال والبركة وانت تنسى واجباتك الدينية، كف لحنك ودندنتك عنا فقد سئمنا من صوتك، للاسف نسينا الله الذى اعطانا ولم نقم بشكره فانزاحت البركة من اموالنا فهذه مصيبة نقول فيها (انا لله وانا اليه راجعون ). 3 — لا فرق بين عربى واعجمي، وفجأة نسأل هل فلان اصله من هذه البلاد، وماهى لغته الام؟ وهل يتقن لغتنا جيداً حتى لا نخجل من التحدث معه امام الشخصيات، لا حول ولا قوة الا بالرحمن، مظاهر دنيوية حقيرة تحوم حولنا، لا تريد ان تتخلى عنا، ولا نريد ان نطلقها بالثلاثة، الى متى وهذا هو الحال؟ والى متى نخجل من لغة فلان، والى متى ننسى قدوتنا الرسول عليه السلام، غرورك كغرور (الديك) لا يحمل جمال الطاووس ولا صوت (العصفور) ولا يستطيع الطيران لكنه متغطرس ومغرور كثيرة اشباهه بيننا فكلهم (ديكة فى نظرى)، تكبر اخى حين تجد عمر بن الخطاب يقف فى صفك ويدافع عنك، او اجعل الغرور يتسلل قلبك حين تجد ابا بكر الصديق صاحبك، وعلى رضى الله عنه مشاركاً لاحزانك او عثمان يأخذك معه للمساجد هنا اقول لك من حقك ان تتكبر وتتعالى لكن بالوضع الذى انت فيه اسمح لى ان اقول لك انت مجرد آفة (لا تهش ولا تنش) فتواضع بارك الله فيك وتأكد ان الدنيا تزول كلمح البصر. هذه ثلاث ملاحظات كتبتها فى ثلاث فقرات، وبعد الانتهاء منها قلت سبحانك يا رب هؤلاء العباد كيف ترحمهم وهم لا يرحموننا بألسنتهم، وسخيرتهم لنا تزيد يوماً بعد يوم، كم انت لطيف بهم يا رب. بصمة حب: ان كنت لست عربية فلا اخجل ان اكون عجمية، وان كان منزلى لا توجد فيه وسائل الترف فان كماله فى اربعة جدران تسترني، وان كنت لا اجد المال الكثير فيكفينى ما اجده لسد جوعي، فوالله اننى فى نعمة لو علمها الغنى لحسدنى عليها، الحمد لك يا رب فزدني من فضلك. ايميل: [email protected]