15 سبتمبر 2025

تسجيل

ابدأ الآن

24 مارس 2023

يحل علينا شهر رمضان المبارك، ذلك الضيف العزيز الذي ننتظره طوال العام بلهفة وترقُّب على أمل اللقاء، مرة أخرى، فرمضان له في النفوس منزلة عظيمة ولِمَ لا وهو شهر القرآن والرحمة والمغفرة والعتق من النار؟. ومن منطلق هذه المكانة العالية لهذا الشهر الفضيل، يُعد رمضان أفضل بداية لكل تجديد في حياتك؛ فهو أول طريق للتغيير، فلنفتح فيه صفحة جديدة بيضاء نقيَّة تزيِّن سجلات أعمالنا يوم القيامة. ومن أفضل البدايات وأعظمها أجرًا في رمضان الاهتمام بالقرآن حفظًا وتلاوة وتدبُّرًا؛ لاختصاص هذا الشهر المبارَك بنزول القرآن فيه.. قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ» (البقرة: 185). وقد ذُكر عن أحد السلف - رحمهم الله – قوله: «ما من كتاب أنزله الله على نبي من الأنبياء إلا كان في هذا الشهر المبارَك». فكانت بداية نزول القرآن في شهر رمضان حين نزل به جبريل - عليه السلام - على رسولنا - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - في غار حراء؛ لذا كان رسولنا الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يزيد من دراسته للقرآن خصوصًا في هذا الشهر المبارَك.. فكان جبريل - عليه السلام - يُدارسه القرآن في كل عام مرةً في شهر رمضان المبارك، فلما كان العام الذي تُوفي فيه النبي محمد - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - نزل عليه جبريل - عليه السلام - فدارسه القرآن مرتين، فتحصل معارضة، النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يتلو وجبريل - عليه السلام - يسمع، جبريل - عليه السلام - يتلو والنبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يسمع، عارضه القرآن مرتين، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «ما أراني إلا قد حضر أجلي» (رواه مسلم). ثم سار السلف الصالح على منهاج النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - في الاهتمام البالغ بالقرآن في شهر رمضان، وممَّا يدل على ذلك حرص السلف - رحمهم الله تعالى - على الإكثار من دراسة القرآن يعمرون به معظم أوقاتهم في شهر رمضان. فقد كان الإمام مالك - رحمه الله - إذا دخل رمضان يترك قراءة الحديث ومجالسة طلابه، ويُقبل على تلاوة القرآن من مصحفه. وهكذا كان سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - إذا دخل رمضان تفرَّغ لقراءة القرآن. وذكر الذهبي أن الإمام الشافعي - رحمه الله - كان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة. لا نستغرب هذه الهمم العالية؛ فقد كانت أوقاتهم مباركة لا يزاحمهم فيها ما نراه اليوم من وسائل اللهو التي تضيع الأوقات هباءً منثورًا. فيجب علينا استغلال رمضان كبداية لحفظ القرآن الكريم، لا تنظر إلى عمرك وأشغالك وغير ذلك، ليس هناك وقت معيَّن لتبدأ فيه حفظ القرآن، المهم هو العزيمة وصدق الإقبال على الأمر قربةً لله وطلبًا لمرضاته.ففي رمضان خير بداية لتنظيم الوقت وترتيب الأولويات. فلنحرص على ما ينفعنا، لا سيَّما في هذا الوقت المبارك، ولنستغل أيام رمضان ولياليه أفضل استغلال؛ فالصلاة على وقتها والمحافظة على السنن والإكثار من النوافل والحرص على الأذكار وغير ذلك من الطاعات يجب ضبطها في هذا الشهر الكريم؛ لأن رمضان أفضل انطلاقة لتغيير جذري في حياتنا على المستويين الشخصي والعام.فأوصيكم ونفسي بأن نبدأ الآن، لا مجال للكسل ولا للتسويف؛ فضيفنا سريع المرور وأعمارنا معدودة وأيامنا شاهدة على أعمالنا.فاللهم بارك في أوقاتنا وألهمنا رشدنا ووفِّقنا لاستغلال رمضان واجعله بداية لكل خير وبركة وتوفيق في القادم من حياتنا واكتب اللهم لنا الخير ولجميع المسلمين.. اللهم آمين.