13 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف تعامل الرسول مع الوباء؟

24 مارس 2021

إن المتتبع لسيرته عليه أفضل الصلاة والسلام لا يستطيع سوى التعلّق به وحبه حباً شديداً حتى لو لم يكن المرء على دين الإسلام، فلا عجب عندما وضعه مايكل هارت على رأس قائمة المائة شخص المؤثرين في التاريخ في كتابه الشهير، ولا عجب أن ترى هذه الهبّة المباركة من جميع المسلمين لنصرته عليه أفضل الصلاة والسلام على اختلاف مشاربهم، ولا عجب أن يكون اسمه هو أكثر الأسماء انتشاراً على كوكب الأرض على الإطلاق. وبعيداً عن جميع أشكال التنطّع، وحتى لا يزلّ قلمي فيدخل في مجال الفتوى الذي هو أكبر من طاقتي وأبعد غورا من ضحالتها، تعال معي عزيزي القارئ لنستقي الاقتداء السهل المباشر الموثوق من الصادق المصدوق نفسه بأبي هو وأمي، وكيف تعامل مع حمى المدينة المنورة بعدما جاءها، فهل جمع أهله وصحابته ودوابه ثم خرج إلى الخلاء في صلاة غريبة وطقوس عجيبة خارجة عن المألوف؛ ليدعو الله أن يزيل الوباء؟ وهل أوهم الناس بأنهم لا يستطيعون فهم بعد وعمق هذه الطقوس الدقيقة الغريبة؟ أم هل جابهها بما يستقيم مع المنطق السليم والفطرة الصحيحة البعيدة عن هرطقات وخزعبلات الطوائف والتيارات السابقة للإسلام واللاحقة له؟ لقد كان عليه الصلاة والسلام يقول الكلمة الواضحة فيفهمها الصغير والكبير ويفهمها كبار علماء الصحابة كما يفهمها الأعرابي البسيط في إعجاز لغوي علمي ديني لا يمكن أن يأتي ممن ينطق عن الهوى عليه وعلى أله وصحبه الكرام الطيبين أفضل الصلاة وأتم التسليم. يقول الشيخ الدكتور محمد بن محمد أبو شهبة رحمه الله تعالى في كتابه البديع السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنّة الجزء الثاني: لما قدم رسول الله وصحبه إلى المدينة كانت أوبأ أرض الله من الحمّى فأصاب أصحابه بلاء وسقم، وصرف الله ذلك عن نبيّه، وكان ممن وعكتهم الحمّى وهدت من كيانهم سيدنا أبو بكر الصدّيق ومولاه عامر بن فهيرة وسيدنا بلال بن رباح رضي الله عنهم أجمعين، فكان أبوبكر إذا اشتدت به الحمى يقول: كل امرئ مصبح في أهله... والموت أدنى من شراك نعله وكان عامر يقول: لقد وجدت الموت قبل ذوقه... إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه... كالثور يحمي جلده بروقه (يعني بقرنه) وكان بلال يقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة... بواد وعندي إذخر وجليل (نباتان من نبات البادية) وهل أردن يوما مياه مجنّة... وهل يبدون لي شامة وطفيل ( جبلان بمكة) قالت عائشة: فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم، فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، وبارك لنا في مدها، وصاعها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة. رواه البخاري وذكر ابن شهاب الزهري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو وأصحابه أصابتهم حُمَىّ المدينة حتى جهدوا مرضًا، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم حتى كانوا ما يصلون إلا وهم قعود. قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك، فقال لهم: (اعلموا أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)، فتجشم المسلمون القيام على ما بهم من الضعف والسقم التماس الفضل. وهذا هو نهجه عليه الصلاة والسلام بكل سهولة ويسر ووضوح، فلا تنطع ولا هرطقة حاشاه بل هو اللجوء إلى الله بالدعاء أولاً، ثم مقاومة الحمى مقاومة جسدية تناسب وقتهم أنذاك تماما كما يناسب اللقاح الحالي وضعنا الآن إن احتسب المؤمن الأجر. ولا تنس يا سيدي الفاضل إنه قال أيضا (من رغب عن سنتي فليس مني) ‏[email protected]