17 سبتمبر 2025
تسجيلبرز مصطلح "داعش" إلى الوجود قبل عام تقريبا، وذلك مع ظهور ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، وتم نحت المصطلح من قبل إعلام حزب الله أو قناة الميادين المؤيدة لنظام الأسد، والممولة من إيران بشكل أساسي، وذلك لتفادي استخدام مصطلح "الدولة الإسلامية" في إطار حرب المصطلح بين التنظيم الإسلامي "السني" والتنظيمات الشيعية وعلى رأسها حزب الله اللبناني، وهو مصطلح اخترع من أجل تسمية الأمور بغير أسمائها بهدف التهوين والتسفيه ونفي الآخر.الحقيقة أن هذه العملية لم يستخدمها مؤيدو إيران ونظام الأسد وحزب الله، بل استخدمت من قبل الطرف الآخر الذي حاول نحت مصطلح "حالش" لتسمية حزب الله الشيعي، في محاولة لنفي الصفة الايجابية للتسمية الأصلية "حزب الله"، وهو مصطلح مستخدم على نطاق واسع بين مؤيدي التيارات الجهادية الإسلامية والمعارضة المسلحة لنظام بشار الأسد.المفارقة أن كلا من التنظيمين يدعي أنه إسلامي، فنحن أمام تنظيم الدولة الإسلامية في مواجهة حزب الله "الإسلامي"، وهنا تكمن المفارقة المتفجرة بين طرفين كل واحد منهما يحمل اسما إسلاميا لكنه في نفس الوقت ينفي "الإسلامية" عن الآخر، في إطار حرب إيديولوجية "شيعية – سنية" مستمرة يستعر فيها المصطلح منذ زمن " الروافض – النواصب" وصولا إلى مصطلح "الكفار- التكفيريين".على أي حال يمكن اعتبار مصطلح "داعش" هو الأكثر إغراء للاستخدام لأنه يمثل عنوانا مختصرا بدل استخدام اسم طويل مثل "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، فهي ثقيلة على اللسان وصعبة في الاستخدام اليومي والصحفي والإعلامي الذي يميل إلى الاختصار والإيجاز والسرعة، إضافة إلى أنه يطلق على "شيء" غير معرف من الناحية العملية، ولهذا السبب شاع استخدامه إلى درجة أنه طغى على الاسم الأصلي للتنظيم الذي اختصر اسمه إلى "الدولة الإسلامية" أو "دولة الخلافة".الجانب الآخر في إغراء استخدام هذه التسمية هو سهولة تصرف الاسم وتشكيله لغويا انطلاقا من المصطلح الأولى ألا وهو "داعش" الذي يمكن جمعه "دواعش" واستخدام النعت والصفة "الداعشي" ووصف الحالة بـ"الداعشية" وصولا إلى استخدام تعبير مثل "يدعش دعشا يدعشهم" والمقصود بذلك هو استخدام أساليب تنظيم "الدولة الإسلامية" في التعامل مع الأعداء، ولهذا شاع تعبير "أين داعش عنهم لماذا لا تدعشهم"، بل إن أهل فلسطين استخدموا مصطلح "داعس" على غرار "داعش" لوصف عمليات الدعس التي قام بها بعض السائقين الفلسطينيين لدعس الجنود الإسرائيليين، وهي مقاربة لا تخلو من تماثل لغوي كبير.وإذا كانت "الحالة الداعشية" تعني الإقصاء وامتلاك الحق والإملاءات العنيفة ضد الآخر، واعتماد نظرية " لا أريكم إلا ما أرى" فإن هذا التعريف ينطبق على جملة من الحالات الإقصائية رغم أنها لا تحمل الاسم لكنها تقوم بنفس الأعمال الداعشية من الناحية العملية، ولهذا فإن الحالة الداعشية لا تقف عند تنظيم أبو بكر البغدادي، بل تتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك مما يفتح الباب مشرعا أمام التساؤل المشروع فيما إذا كان "الدواعش الاخرون" قادرين على إلغاء وإقصاء "داعش البغدادي"، الأمر الذي يحتاج إلى فتح ملفات الحالات الداعشية الأخرى في العالم العربي.