13 سبتمبر 2025

تسجيل

حرب عملات محتملة

24 فبراير 2013

لا تتوانى البلدان التي مازالت تعاني من الأزمة المالية العالمية في استخدام مختلف السبل للتخفيف من تداعياتها في محاولة لتحسين وضعها في العلاقات الاقتصادية الدولية المستجدة، حيث تعتبر الأدوات المالية والنقدية وسيلة فعالة لتغيير الأوضاع على المستويين الداخلي والخارجي. ومع أن هناك الكثير من البلدان التي لا تملك مثل هذه الوسائل، إلا أنها تتأثر ليس من جراء قراراتها المباشرة وإنما من خلال ارتباطاتها الاقتصادية أو ارتباط عملاتها بعملة دولية، كالدولار أو اليورو أو بسلة عملات بأوزان مختلفة. لذلك اشتدت في الآونة الأخيرة ما يسمى "بحرب العملات" حيث تسعى البلدان الكبرى إلى انتهاج سياسات نقدية تساهم في رفع قدراتها التنافسية من خلال تخفيض قيمة عملاتها لزيادة صادراتها وإنعاش اقتصادها، وذلك إضافة إلى استخدام أسعار الفائدة، كأداة لتنشيط الأوضاع الاقتصادية وزيادة الاستثمارات وإيجاد المزيد من فرص العمل. وبالإضافة إلى الدولار المنخفض، عمدت اليابان إلى تخفيض الين بنسبة 20% منذ شهر نوفمبر الماضي 2012 لإنعاش الصادرات، وبالتالي الاقتصاد الياباني الذي يعاني من التباطؤ منذ فترة طويلة، كما أن المحافظ الجديد لبنك انجلترا عبر عن نيته للعمل على خفض سعر الجنيه الإسترليني في الفترة القادمة، هذا عدا الخلاف الأمريكي الصيني حول السعر المنخفض للعملة الصينية. ربما تعتبر مثل هذه السياسات خطوات مشروعة في ظل المنافسة المفتوحة في الأسواق العالمية، إلا أن خروج هذه المنافسة عن الحدود المقبولة سوف يلحق ضررا بالغا باقتصادات البلدان المتنافسة وبالاقتصاد العالمي ككل، مما استدعى أن يدرج هذا البند على الاجتماع المشترك لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين والتي عقدت الأسبوع الماضي بالعاصمة الروسية موسكو، حيث تمكنت بلدان هذه المجموعة وبدعم من مجموعة السبعة الكبار وإلى حين تفادي "حرب عملات" لا يمكن التكهن بعواقبها السلبية على كافة المستويات. ومن بين بلدان مجموعة العشرين، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان وبريطانيا، هي المعنية أكثر من غيرها بالعمل على تفادي حرب العملات، وذلك بحكم هيمنة عملاتها على التعاملات المالية وبحكم ثقلها التجاري. أما بقية البلدان، فإنها ستتأثر بما تتخذه الدول السابقة من سياسات نقدية نتيجة لارتباط عملاتها بإحدى العملات الرئيسية. وبشكل عام، فإنه ليس بالضرورة أن تتناسب السياسات النقدية المتخذة في البلدان الرئيسية مع أوضاع اقتصادات كافة البلدان المرتبطة عملاتها الوطنية مع إحدى العملات العالمية المعروفة، كالدولار أو اليورو، إذ في الوقت الذي يمكن فيه أن يستفيد بلد ما من انخفاض العملة المرتبط بها لزيادة صادراته، فإن رفع أو خفض أسعار الفائدة ربما لا يتناسب وأوضاعه الاقتصادية، مما قد يلحق به خسائر كبيرة. وبما أنه يصعب التكهن بمدى قدرة مجموعة العشرين على محاصرة التوجهات الخاصة بحرب العملات، خصوصا وأن هذه الحرب لا تحمل طابعا اقتصاديا بحتا، وإنما هناك عوامل جيو-بوليتيكية مؤثرة، فإن على بقية البلدان اتخاذ خطوات للتقليل من عواقب حرب العملات على أوضاعها الاقتصادية وتعاملاتها التجارية.