12 سبتمبر 2025

تسجيل

الديمقراطية..والثورات العربية

24 فبراير 2013

الثورات العربية دون استثناء بدأت مبررة وانتهت غير مبررة في تداعياتها وانحرافها عن السلوك الديمقراطي وميلها إلى الفوضى وإهدار حقوقها في التنمية والعدل والمساواة بعد أن فقدت الشعوب والأوطان أمنها واستقرارها واستمرار عجلة التنمية وأكل العيش تحت ستار الديمقراطية. الديمقراطية بمثابة جرعة دواء سياسي، كثيره ضار وكذلك قليله، ولعل الشعوب العربية عقب ثوراتها المشروعة أسرفت في تناول الجرعة الديمقراطية حتى أضرّ ذلك بحقوقها وأضاع أوطانها وألقاها في وحل الفوضى وعدم الاستقرار وتوقف التنمية، وتلك نتيجة مأساوية لا تليق بالقيم الثورية والأسباب التي دعتها للانقضاض على الأنظمة التي كانت تحكمها. لم تختلف الأسباب عن بلد لآخر في كل دولة "ثورية" ولكن تشابهت النتائج وأصبح المواطنون البسطاء، وهم الغالبية، ضحايا حقيقيون ومستمرون للنزاعات السياسية واختلاف النخب وقادة الثورات في توجهاتهم وأوزانهم وكسبهم السياسي، فكان حصاد الجميع هو الفشل والنهاية المريرة لاستشهاد كثيرين خلال الثورات وحتى سقوط الأنظمة، بل وسقط قتلى عقب الثورات وهؤلاء ليسوا سوى ترجمة للانحطاط السياسي الذي وصلت إليه تلك الثورات. الديمقراطية لا يمكن أن تقدم منجزا سياسيا ذو قيمة في بيئات متخلفة ولا يرتفع أفقها السياسي بعيدا إلى حد الأفق واستيعاب ما بعد المراحل التالية لحركة الثورة وإنجاز أهدافها والوصول إلى غاياتها، وقد جعلت تلك الثورات بأدائها الركيك وظهور جيوش من الأبطال، مستقبل بلاد الثورات العربية مظلما وقاتما ولا يمكن التكهن بمآلاته واتجاهاته، فأصبحت الدولة في مهب الريح والسلطة ذهبت مع الريح ومعها هيبة الدولة وراحة المواطنين الغلابة. تلك الشعوب مسلمة ولا يمكن تمرير أجندة ليبرالية أو علمانية عليها، ولذلك على أصحاب هذه النزعات والاتجاهات تهدئة اللعب السياسي وعدم المجازفة بأوطانهم لأنهم في الحصيلة الديمقراطية أقل قبولا ونفوذا ووزنا، ولا يمكن أن يتحولوا إلى مشاغبين من أجل أن يكونوا أبطالا على حساب أي قيم وطنية واجتماعية، ذلك في الواقع يعزلهم ويقلب الدائرة عليهم عاجلا أو آجلا، وإن كانوا أكثر ثقة في السند الشعبي فليمارسوا الديمقراطية بهدوء ولينظروا كسبهم ورصيدهم فإن تقدموا لهم ذلك، وهو غير متوقع، وإن تأخروا فعليهم أن يعودوا إلى الصفوف الخلفية فذلك خير لمجتمعاتهم وأوطانهم.