01 أكتوبر 2025
تسجيلالشاعر صالح بن سلطان الكواري علامة بارزة في مسيرة الشعر والأدب القطري. هو امام وخطيب المسجد الكبير في سميسمة في اوائل القرن الماضي وفي نفس الوقت مدرس للقرآن الكريم والعلوم الشرعية في اول مدرسة نظامية تفتتح في سميسمة. للشاعر العديد من الإبداعات الادبية وخاصة في الشعر النبطي كالزهيريات والشيلات والقصايد الدينية والحماسية والرثائية والغنائية والمساجلات وغيرها من الفنون الثقافية المختلفة، التي وردت في الكتاب الذي صدر مؤخرا باسمه. لم يكن الشاعر بعيدا عن مجريات الأحداث التي تدور حوله، فقد اهتم بالكثير من قضايا الأمة، واولاها قضايا وطنة والتضحية من اجله وتكاتفه مع ولي الأمر في السراء والضراء، وامتد ذلك الاهتمام الى خارج قطر نصرة للأمة العربية والإسلامية حين أرسل رسالة الى الرئيس جمال عبد الناصر يؤيده ويثني على بطولات الجيش المصري الباسل. وكان الشاعر الإنسان يتعاطف مع اخوانه الشعراء في زمانه ويشاركهم احاسيسهم ووجدانهم، وما توأمته مع الشاعر الكبير محمد بن عبد الوهاب الفيحاني الا اكبر دليل على رقة مشاعره وايمانه بالحب العذري الصادق. نتمنى من المجلس الأعلى للتعليم ان يضع ضمن مناهجه تدريس قصائد الشاعر، ففيها المعاني الجميلة والحث على الأخلاق الرفيعة والحماسة وحب الوطن. فالشاعر ابن الوطن، فيجب علينا تشجيع اعماله تقديرا له ولأمثاله من القطريين الذين حملوا راية الوطن عاليا في كل المجالات. يجب أن نهتم بجعل ابنائنا يتعرفون على المفكرين والأدباء والشعراء القطريين ويرون اعمالهم ويتغنون بها، فهي تحمل العديد من المعاني الرفيعة وتغرس في النفوس حب الوطن والعادات والتقاليد الأصيلة، ويكفي ما حفظناه لأكثر من ستين سنة عن ادباء وشعراء من دول اخرى ومنهم من لا يعرف الدين ولا أصوله. صالح بن سلطان الكواري نموذج مشرف لأحد ابناء هذا البلد الذي كرس حياته في خدمة العلم والمتعلمين. جميل جدا ان نسلط الضوء على اعماله وجوانب من حياته وان تعرض مثل هذه الأعمال في المتاحف والمعارض القطرية. انني اعلم ان الكتاب الذي صدر باسمه قد صاحبه الكثير من الجهد واستغرق وقتا طويلا حتى وصل الينا بهذه الصورة، فالشكر والتقدير لأبناء الشاعر واقاربه لاهتمامهم بإخراج هذا الموروث الوطني الكبير واتمنى ان تكون لدىهم النسخة الالكترونية لإمكانية تفريغ محتوياتها في موقع يحمل اسم الشاعر، لتضم الى المكتبات العربية والعالمية. وقد اعجبني ان هذا الكتاب كان كله بايد قطرية من الجمع والإعداد والمراجعة والإخراج الفني. هناك الكثير من ابناء قطر ضحوا من اجلها بكل الطرق الممكنة، نرجو من اقاربهم ان يخطوا الخطوة الأولى بإخراج ما لديهم الى الوجود، وكلي ثقة بأن وزارة الثقافة والفنون والتراث ستقوم برعاية ما لديهم وطباعته على نفقتها الخاصة. وان كان لديهم اي صعوبة فلن تحتاج المسألة سوى مبالغ بسيطة لا تقارن بقيمة المخزون التاريخي والعلمي الذي يمكن ان يكون لدى ابائهم واجدادهم. وفي نفس الوقت سيتم الاحتفاظ بذكريات جميلة عنهم يعرفها الصغار والكبار على مر الأجيال والسنوات. العظماء في قطر كثيرون سواء كانوا رجالا او نساء والمجتمع الحديث يحتاج الى ان يعرفهم فارجو الا تبخلوا عليه بمعرفتهم. وان كانت مسألة الكتابة عائقا فهناك الكثير من الكتاب على استعداد للقيام بهذه المهمة النبيلة، التي تهدف الى تمكين الأجيال القادمة من معرفة شيء عن ماضيهم المزدهر. وجمع واعداد معلومات عن اي شخصية وهى على قيد الحياة افضل بكثير من معلومات متناثرة هنا وهناك، حيث يمكن مناقشة الشخصية ومحاورتها وربط ما لديها بالواقع الحالي. رحم الله الإمام والخطيب والمعلم الشاعر القطري الكبير صالح بن سلطان الكواري وجعله في زمرة الشهداء والأبرار الصالحين.