19 سبتمبر 2025

تسجيل

من أي رحمٍ خُلقت

24 فبراير 2012

قالت: ( هو زميلي في العمل، وقد يكون ذلك الشعور العارم من إعجاب واستلطاف، أقوى من تلك الزمالة، ولعلّها مشاعرٌ تعاظمت في أنفسنا، جعلتني لا أرى من رجال العالمين سواه، ولا يرى من إناث العالمين سواي، مشاعر سرت في أوردتنا ملأتنا يقينا أن كل منا هو المكمل للآخر بلا شك، إني لا أُبالغ أمراً إن قلت إنها أحاسيس طاهرة جعلته يُسارع إلى خطبتي من والديّ، ليكون كل شيءٍ في حدود الدين، والأصول، والعادات والتقاليد.ووافق والديّ وسط مخاوف وتردد، ولكن سرعان ما تبددت حال نقاشهم معه، فهو ذلك الشاب المثقف، المتفتح المدارك، الواسع الأفق، ولحسن الحظ أنهم أُعجبوا به، كما أُعجبت أنا به، وعشت بعد ذلك ليالي خارج حدود الدهر، لم أكن لأستوعب أنه قد يُبعدُ الدهر مداه معنا بهذا الشكل وبهذه الصورة، ولكن كل تلك الأحلام لم تتجاوز أسبوعين من الزمن..!! أسبوعان فقط، وتدخل أعمامه وأخواله في إعاقة ذلك الزواج، وتدمير الحلم، كانت المعارضة شديدة بحيث لم يقاومها والده وحيداً، فرضخ مُكرهاً لتلك المعارضة التي كان شعارها: (كيف ترتبط بمن هو مجهولٌ نسبها )..!! و لكن..!! ما هو ذنبي أنني أجهلُ من أي رحمٍ خُلقت، وفي أي أحشاءٍ حُملت، فعلى الرغم من جهلي بنسبي، على قدر علمي أنني هنا على ساحة الوجود ) ثم أطرقت برأسها تبتسم، وعيناها تتلألأ بجواهرها. لم أتخيل يوماً ما أن وراء تلك الفتاة المُبهرة الجمال، ذات الشخصية القوية، والضحكات الواثقة كل تلك الآلام، فكل ما فيها يدعو العين أن تُطيل النظر، إن كان منظراً أو مخبراً، ولكأن المحاسن اتفقت أن تتخذ من تلك الفتاة مستقراً لها، ناهيك عن نشأتها في طبقة ارستقراطية عالية المقام، تخوّلها أن تكون ضمن سيدات المجتمع في المستقبل..ولكن، وعلى الرغم من ثقتها في النقاش، ومهارتها في إدارة دفة الحوار، إلا أنها لم تتطرق يوماً ما في ذكر أنها (فتاة يتيمة) لا تعرف أمها، وتجهل بطبيعة الحال والدها، كانت تُعامل من قبل عائلتها التي قامت بتبنيها معاملة الفتاة المدللة التي لا يُرد لها طلب، فتاة البذخ التي لا تلبس إلا الباهظ الثمن، ولم تعرف إلا عيشة القصور، لم يكن هناك ما ينقصها، إلا أن تعلم مَن تكون..!! انتهى حوارنا...!!وأنا أحتقر نفسي وأوبخها على المرات التي افتخرت وتفاخرت فيها بنسبي، وكان ذلك على مسامعها، خجلت من سطحيتي وضحالة تفكيري، تذكرت أنها كانت تبتسم ولكن لم أدرك أنها ابتسامة ألم ومجاملة. انتهى حوارنا..!! وآلاف علامات الاستفهام تُطرح في ذهني، فما هو ذنب تلك الفتاة التي لا أتوانى أن أصنفها ضمن أفضل الفتيات اللاتي قابلتهن في حياتي خُلقاً وديناً..! أَيُعقل أن تتعرض للظلم مرتين في حياتها، ففي المرة الأولى ظُلمت عندما وُلدت من أم تجهلها، وتجهل لماذا تركتها لتتلقاها أيدي الخير، والمرة الثانية في رفض المجتمع لها ورفض زواجها وتحقيق حلم كل فتاة في الارتباط وتكوين الأسرة والإنجاب، والقضاء على حبٍ عفيف شريف..!! أيُعقل أن يكون المجتمع بهذه القسوة في سحق كرامة أفراده في رفع بعض الشعارات، كشعار تلك المعارضة: (كيف ترتبط بمَن هو مجهول نسبها )..!! فعلى من نُلقي اللوم، على الأعراف أم عقليات أفراد المجتمع، أم على من لا ذنب له..!!