19 سبتمبر 2025
تسجيلقد ينفعُ الأدبُ الأولادَ في الصغر ،، و ليس ينفعهم من بعدهِ أدبُإن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ،، و لا تلينُ و لو ليّنتَه الخُشُبُ تَحينُ ساعةُ الصفر ..بعد تسعة أشهر من العناء و الوهن ..يأتي فَرج الله في هذه السويعات ، فيتعاظم ألم الطَلق ، و تشتد أعصاب المُنتظرين ، إلى أن يُحدث الله بعد ذلك أمراً ..تَصيحُ إحداهن : ( مبروك ولد ) ..!!هي البشارة إذاً ، هي الفرحة العارمة ، و البقاء للاسم و العائلة ، هو ( الولد ) ، و تتعالى أصوات المُهنئين : ( مبروك الطارش ، مبروك الرجال ) .. نعم ، فإلى الآن ، و تلك الثقافة مسيطرة على المجتمعات العربية ، لعلّها أعراف جاهلية محضة ، و تقاليد اجتماعية بغيضة ، إلا أنها موجودة ، هي الرغبة في إنجاب الذكور فضلاً عن الإناث . و لكن ..!!هل يستمر ذلك الطارش افتخاره برجولته أو بالأحرى – بجنسه الذكوري - ، كما افتخر بها أبواه يوم مولده ..!!لعلّ موقفاً صادفته ، هو الذي أثار عاصفة الأفكار تلك في ذهني المصعوق ، حيث كنتُ في إحدى الأماكن العامة في فترة العصر ، إذ دخلَ شخصان خُيّلَ لي أنهم فتيات من مظهرهم و لبسهم ، فلم أدقق النظر ، لأكمل ما كنتُ قد جئت لأجله ، اقتربتا إلى أن وصلتا الطاولة التي بجانبي ، فسمعت إحداهن و هي تقول : ( سوسو تعالي ) ..التفت بصورة عفوية ، فإذا هم رجالٌ في زمنٍ مضى ..!!رجالٌ كانوا ، و إناثٌ صاروا ..!!تساءلتُ في نفسي مُنذهلة : ( سوسو ، أقد كان يوماً ما سعد أو سعيد أو سعود أو سالم أو سلمان أو سليمان أو سفيان ..!!)سفيان ..!! تذكرت فجأة سفيان الثوري - رحمه الله - الإمام الورع التقي ، سفيان الذي قال يوماً : ( لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي لطار فرحاً ، وحزناً ، و شوقاً إلى الجنة ، أو خوفاً من النار ) ، سفيان الذي إذا تعِب من قراءة القرآن وضعه على صدره ، حرصاً على القيام للصلاة في الثُلث الأخير من الليل ، و إذا نام فزع من نومه ينتفض ينادي : ( النار النار ، شغلني ذكرُ النار عن النوم و الشهوات ) ثم ما لبثتُ أن عدتُ إلى أرض الواقع ، لأرى ( سوسو ) أمامي ، بأنوثتها و خجلها و ضحكها و تغنجها ، و رداءها الزهري ..!!أَيُعقل أن ( سوسو ) فرِحَ بهِ أبوه يوم مولده أن جاء له ( مسنده ) في هذه الدنيا ..!؟ أيُعقلُ أن أُطلق عليه ( الطارش الرجال يوماً ما ) أفرِحَ به أهله و أقاربه ..!!إذاً لماذا لم تتحوّل تلك الفرحة العارمة إلى جهدٍ جبار في التربية السليمة الصحيحة ، لماذا لم يغرسوا في نَفسِهِ أن تحوّله من رجلٍ إلى أنثى هي انتكاسة للفطرة ، و قتل للرجولة ، و امتهان للشخصية ، و طعنة نجلاء للفضيلة و الأخلاق ، و جرٌ للأمة إلى انحلال فاجر و إباحية ممقوتة .كنتُ أتساءل في حيرة ، كيف خرج بهذا المنظر من بيته ، ألم يُنكرَ أهل بيتهِ عليه شذوذه ..!!؟؟ أليس اللوم هنا مُلقىً على عاتق الأهالي أولاً و أخيراً ، فالتربية هي اللبنة الأولى في السلوك القويم و النشأة الصالحة ، فإن كان الإهمال و التقصير من جانب الآباء و الأمهات ، فماذا ننتظر منهم إلا الانحراف ، و التخبط في حياة الانحلال و الإباحية ..!؟ ألم يُرددوا على مسامعهم قول حبيبنا و نبينا محمد صلى الله عليه و سلّم : ( لعن الله المخنثين من الرجال ، و المترجلات من النساء ) و هو الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحيٌ يُوحى ..!! ، فلله در من قال : و ليسَ النبتُ ينبتُ في جنانٍ ،، كمثل النبت ينبت في الفلاةو هل يُرجى لأطفالٍ كمال ،، إذا ارتضعوا ثُدي الناقصاتِ أيضاً ، لا أُبرئ هنا جانباً مُسانداً خفيّاً لأولئك الفئة ، فكل جميلٍ و قبيح إذا قُوبل بالإهمال ( مات ) ، و يبدو أن تلك الفئة لم تُقابل بالإهمال ، فإن هم لم يجدوا التشجيع لما استمروا بقوة ، و تواجدوا بثقة .إن الله تعالى لم يحرّم أمراً من عبَث ، و لم يمقتُ شيئاً بلا سببٍ ، فالتخنث لا يليق بشهامة الرجل ، و الترف لا شك يؤدي إلى الانحلال و الفساد ، فإن أردنا العيش في مجتمع إسلامي سليم قويم فعلينا تطهيره ، و التخنث إحدى وجوه الفساد الذي يعيق طهارته .. و هنا لعلّ التربية الموجهة للأبناء وحدها لا تكفي ، فالتربية تبدأ من الوالدين أنفُسَهُم ، لأنهم أساس الأسرة ، و المَثلُ الأعلى لأفرادها ، و من ثم التربية السليمة للأبناء على نهجِ ( قال الله و قال الرسول ) ، التربية من جميع جوانبها ( الإيمانية ، و النفسية ، و الجسدية ، و الخُلقية ... ) ، و لا ضير من التدليل المُعتدل فهو مطلوبٌ بلا شك تحت راية القاعدة الدينية ( لا إفراط و لا تفريط ) .كل ذاك بمعيّة الدعاء و التضرّع لله عز وجل ، بتمام صلاحهم ، و أن يحفظ دينهم ، و يُنزل عليهم رحمته و ينشر عليهم حكمته ، و أن يهب لهم ديناً قيّماً ، و قلباً خالصاً ، و عقلاً كاملاً ، و لباً راجحاً ، و عزماً ثاقباً ، و أن يحفظهم بحفظه و قدرته من فتنٍ كقطع الليل المُظلم .. و الرسول عليهِ السلام وصّى و أكّد بضرورة العناية بالأولاد و وجوب الاهتمام بأمرهم و تربيتهم ، قال عليه السلام : ( مروا أولادكم بامتثال الأوامر و اجتناب النواهي ، فذلك وقاية لهم من النار ) فبأي حديثٍ بعده يؤمنون ..!!؟