11 سبتمبر 2025

تسجيل

غانم السليطي والكوميديا الفاجعة

24 فبراير 2012

في بيداء الإعلام المُظلم، وفي الشهر الفضيل خاصةً، كان أن بزَغ نورٌ بإشعاعٍ رفيع، ساطع منير.. ??إشعاع لنا أن نصنّفه ضمن ما يسمّى في الأدب، (فن الكوميديا)، تلك التي اندثرت ولم يعد لها وجود على ساحة الوجود. ??هي (الكوميديا الهادفة) التي تُبكينا بوجعٍ أكثر من أن تُضحكنا ببلاهة. ??إن حلقةً كتلك يا أستاذي الفاضل أدركنا بها أن الكوميديا ليست بإثارة الضحك تصيداً لمتعة الجماهير أو استعباطاً لهم، ولكن قد تكون رسالة تراجيدية عنيفة، على الرغم من الهبوط ببعض الجوانب الطبيعية البشرية، كتلك الجوانب التي أجهش الأمهات بها بكاءً، خوفاً وخشية على أبنائهن ومن بارئهم، لم تكن بقصد الهبوط الإعلامي، ولكن لعلّه هبوط يُحدث سقوطاً، يتسبب بصوتٍ مدوٍ يُوقظ الغافل من غفلته. ??إنني هنا بصدد أن أتحدث عن الحلقة (22)، أي أنني بصدد أن أتحدث عن (22) صفعة، و(22) ألف دمعة.. ??و(22) مليون ابتهال توجّه إلى أبواب السماء في مساء تلك الحلقة المُبكية، حينها فقط، تلاشى تبسّمنا وراء مدامعنا، تماماً كما تلاشت الرجولة وراء بعض أجساد أصحابها.. ??في تلك اللحظة كانت تلك العبارة الفرحة لحظة الولادة تلفّني لفّا: (مبروك الرجّال)..! ??عن أي فرحة هم يتحدثون..!؟ لماذا لم تتحوّل تلك الفرحة العارمة إلى جهدٍ جبار في التربية السليمة الصحيحة، لماذا لم يغرسوا في نَفسِهِ أن تحوّله من رجلٍ إلى أنثى هي انتكاسة للفطرة، وقتل للرجولة، وامتهان للشخصية، وطعنة نجلاء للفضيلة والأخلاق، وجرٌ للأمة إلى انحلال فاجر وإباحية ممقوتة. ??إنني أتساءل في حيرة، كيف لهم أن يخرجوا بتلك المناظر من بيوتهم، ألم يُنكر أهلهم شذوذهم..!!؟؟ ??أليس اللوم هنا مُلقىً على عاتق الأهالي أولاً وأخيراً، فالتربية هي اللبنة الأولى في السلوك القويم والنشأة الصالحة، فإن كان الإهمال والتقصير من جانب الآباء والأمهات، فماذا ننتظر منهم إلا الانحراف، والتخبط في حياة الانحلال والإباحية..!؟ ألم يُرددوا على مسامعهم قول حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلّم: (لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء) وهو الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحيٌ يُوحى..!!، فلله در من قال: ??وليسَ النبتُ ينبتُ في جنانٍ،، كمثل النبت ينبت في الفلاة ??و هل يُرجى لأطفالٍ كمال،، إذا ارتضعوا ثُدي الناقصاتِ ??أنا أيضاً، لا أُبرئ هنا جانباً مُسانداً خفيّاً لأولئك الفئة، فكل جميلٍ وقبيح إذا قُوبل بالإهمال (مات)، ويبدو أن تلك الفئة لم تُقابل بالإهمال، فإن هم لم يجدوا التشجيع لما استمروا بقوة، وتواجدوا بثقة. ??إن الله تعالى لم يحرّم أمراً من عبَث، ولم يمقت شيئاً بلا سببٍ، فالتخنث لا يليق بشهامة الرجل، والترف لا شك يؤدي إلى الانحلال والفساد، فإن أردنا العيش في مجتمع إسلامي سليم قويم فعلينا تطهيره، والتخنث أحد وجوه الفساد الذي يعوق طهارته.. ??وهنا لعلّ التربية الموجهة للأبناء وحدها لا تكفي، فالتربية تبدأ من الوالدين أنفُسهما، لأنهما أساس الأسرة، والمَثلُ الأعلى لأفرادها، ومن ثم التربية السليمة للأبناء على نهجِ (قال الله وقال الرسول)، التربية من جميع جوانبها (الإيمانية، والنفسية، والجسدية، والخُلقية... )، ولا ضير من التدليل المُعتدل فهو مطلوبٌ بلا شك تحت راية القاعدة الدينية (لا إفراط ولا تفريط). ??كل ذاك بمعيّة الدعاء والتضرّع لله عز وجل، بتمام صلاحهم، وأن يحفظ دينهم، ويُنزل عليهم رحمته وينشر عليهم حكمته، وأن يهب لهم ديناً قيّماً، وقلباً خالصاً، وعقلاً كاملاً، ولباً راجحاً، وعزماً ثاقباً، وأن يحفظهم بحفظه وقدرته من فتنٍ كقطع الليل المُظلم.. ??والرسول عليهِ السلام وصّى وأكّد بضرورة العناية بالأولاد ووجوب الاهتمام بأمرهم وتربيتهم، قال عليه السلام: (مروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فذلك وقاية لهم من النار) ??فبأي حديثٍ بعده يؤمنون..!!؟ ??وبعد كل تلك المواجع، لا يَسعنا إلا أن نردد: ??اللهم اجعل هذا المجتمع آمناً.. ??اللهم اجعل هذا البلد آمنا.. ??ومن ثم.. ?فعظيم تحاياي وتقديري إلى الإنسان (غانم السليطي) الذي ذكّرني بقول هوراس وولبول: (الدنيا كوميديا لمن يفكر، تراجيديا لمن يحس).