19 سبتمبر 2025

تسجيل

قالت لي البيضـاء

24 فبراير 2012

أتأملُني..!! اليوم، أتممتُ السادسة والعشرين ربيعاً.. أحقاً مرّت سنونَ عمري ربيعاً..!؟ أم خريفاً..!؟ أم مزيجا بين الفصول الأربعة، فتذوقت من الحياة حلوها ومرها، عذبها ومالحها، ثم إن الدهر قلّبني كيفما شاء فصدُق من قال: ( إن الدهر قُلّب والليالي حُبالى).. في التاسع عشر من آذار.. صَحوتُ في تمام السادسة، الساعة المفضلة لدي من كل صبحٍ من صباحات الحياة، اتجهتُ إلى المرآة، هي الجماد الذي تجمعني بها المواعيد اللامتناهية.. رحتُ أبحثُ في وجهي على ما يدل أنه فعلاً في مثل هذا اليوم استقبلتني الأرض، فازدادت من بناتها، بنت .. لا اختلاف البتّة..!! هما العينان ذاتهما، مع خبرةٍ ازدادت نيّفاً، ثم إن هي الملامح والتقاسيم عينها، وهو رأسي نفسه..!! رأسي نفسه..!! رأسي نفسه..!! رأسي..!! ما الذي احتواه بربي.!؟ وماذا سيحتوي..!؟ وإلامَ سأصل به..!؟ وإلامَ سيصل بي..!؟ وما الذي اختلف وتغيّر من أمور أعلمها ولا أعلمها..!؟ أجهلها ولا أجهلها..!؟ جُزعتُ منه وكأنني أراه لأول مرة، فابتعدتُ خطوة بنظرتي إلى الخلف، إلى ما وراء الرأس، أو أمامه، كدتُ أتوه، أو انني فعلاً في لحظة تيه.. فخُيّل لي لون شذّ عن لون واختلف عنه، فالتصقت في المرآة لأعرف ماهية ما رأيت، لعلّي أجد ضالتي من المعرفة، وحقيقة أن اليوم فعلا 19 آذار على ذمة تقويم الحياة.. كانت أطول شعرةٍ في رأسي، صُعقتُ أن كيف تتجرأ لتصطبغ بالبياض..!!؟ ومن ذا الذي ألبسها حلة لا علم لي بها..!؟ أليس هو رأسي..!؟ أليس هو شعري..!؟ ألستُ أنا المتحكّمة في كسوته..!؟ صَرَخت البيضاء في وجهي وهي تقرأ حنقي: ( ثمة سرقةٍ تحدث كل يوم، ولكن لا سبيل لقطع يد السارق، أو محاسبته، أو زجّه في المحاكم، سارق يسرق بشرعيّةٍ تامة بحسب قانون من استوى على العرش) تَساءَلتُ في نفسي إن كانت تعني الوقت! أم اليوم! أم الزمن! أم الدهر..!؟ ذلك الذي يجري بنا أو نجري به، يسرق كل يومٍ من أعمارنا يوماً، فينتقص بذلك العدد المحدد لنا من العَيش، ليضمن بذلك الاستمرارية والبقاء.. فيه..!! خسرتُ وكسبت، مقَتُ وأحببت، بكيتُ وضحكت، ولا سبيل للذكرِ أو الحصر، أعطاني دروساً من خبرته مقابلَ أيام من عمري.. أَلَم يجد ما هو أثمن من ذلك فيترك لي أيامي..!؟ ألا يرى أن المقابل كثير، كثير جداً..!؟ إنني أتساءلُ هنا، ماذا تفعل أيامنا العصيبة الماضية في جعبته، أتبقى عصيبة.؟ أم انها تموت.!؟ فلا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها.