19 سبتمبر 2025
تسجيلنعم.. وبقوة أؤمن بما يسمى بالاندماج الروحي، ذلك الشعور النادر الحدوث، الغريب الأصل، المؤكد الوقوع، وقد زاد إيماني به بعد قراءتي لكتاب (الروح) لابن القيم الجوزية. لعلّي أعرّف (الاندماج الروحي) ومن وجهة نظر خاصة أنه نوع من الائتلاف العميق يحدث بين روحين منفصلتين، ذواتي كيانين مختلفين، دون أي تواصل أو اتصال، فيشعر أحدهما بالآخر، رغم مسافاتٍ تحول دونهما، وظروفٍ تُعيق تواصلهما، شعورٌ خارق فوق العادة، نجم عن التحامٍ بين روحين تسكنان جسدين منفصلين.. و نتيجةٍ لذلك الالتحام، تكوّن جسر من أصلٍ لا ملموس، يصل بينهما، فينقل عامة الحدث كان طيباً أو خلاف ذلك، عن طريق العاطفة أو شعور القلب، أو الحواس الخمس.. و لكن..! لعلّ جل تفكيري ينصب في سؤالي الملح عن ذاتي، أن هل قام ذلك الاندماج أو الالتحام على قوة الشعور والإحساس..! أم أن المسألة هي مسألة تعوّد فقط..! أي إنني عشت مع شخصٍ قريب، كان أخاً أو أختاً أو زوجاً.. إلخ، فعرفت طبيعة يومه، وروتين حياته، فلي بطبيعة الحال أن أتنبأ بما سيفعله في كل وقتٍ من أوقات اليوم، لأنني اختبرت وقته وطبعه عن قرب. و لكنني أرجع وأتساءل، قد يُصيب التعوّد في ما لو كانت الأفعال يومية اعتاد عليها الطرف الآخر، ولكن ماذا في الأحداث ذات الصدف أو الفجأة..! لماذا أشعر إذن أنه وقد كُتم تنفسي، وانقبض قلبي، فيما لو أصاب عزيزاً مكروه، أو ما شابه ذلك، والعكس صحيح بالنسبة للكدر، إذ للفرح نصيبٌ من هكذا شعور خارق..! وعلى مختلف العلاقات، كانت ذات رابطة دمٍ أو غيرها، فإن شعوراً كهذا يحدث للبشر.. من ارتبط منهم برابطٍ عميق ومُخلص وصادق، حيث كان يُقال في القدم: إن (الضلوع) هي التي تُخبر بذلك، فتنقل الخبر للقلب، بما حدث لعزيزٍ نأت به الظروف، فاختلفت الدروب، ولكن بَقيَ شعورٌ ملحٌ لا يَخمدٌ أبداً.. هو إحساس غريب بلا شك، أكبر من أن يُصَب في قالبٍِ من حروفٍ وكلمات، حيث إنه صعب الوصف، عسير التصوير، ومن المؤكد أنه قد حصل للبعض واختبره ففهمه وأدركه، وقد يكون أنه لم يحدث للبعض فلم يُدركه ولم يفقهه.