19 سبتمبر 2025
تسجيللكل مجتمعٍ عادات، سواءً كانت محمودة أو مذمومة، يتعايش معها أفراد المجتمع، كأسلوب جماعي، نشأ في عقول الناس، وتجسد في أفعالهم وسلوكهم، عن طريق التقليد التدريجي، وبمرور الوقت تكتسب هذه العادة قوة التقليد، لتُدرج بعدئذٍ ضمن لوائح "عادات وتقاليد". ولكن ماذا لو كانت تلك العادات تقف حائلاً بين العبدِ وربه..!؟ إنني أؤمن أتم الإيمان، أن ثمة عادات متفشية لدينا، قد تكون سبباً رئيسياً في معاناتنا من عدم العيش بسلامٍ في المجتمع، إن بعض العادات البالية، قد تُسخط الرب، وتسلب الرزق، وتكون سبباً في الابتلاء بالأمراض والأسقام، وتأخر نزول المطر أيضاً. إنني هنا، أتكلم عن عادة محددة، نراها في المناسبات والأغلب في الأفراح، هي عادة (النقوط) المذمومة، وتعريف النقوط كما أراه، هو رمي رُزمٍ من المال، بجميع فئاته على فتيات يتراقصن على إيقاعات الأغنية أو الموسيقى، تعبيراً عن الفرحة ربما، وأحياناً الرياء، ونادراً الخوف من القصور أو الاتهام بالبخل..! لعلّي أجهل حقيقةً تاريخ هذه العادة، أو مصدرها الرئيسي، أن تُرمى الأموال تحت الأقدام "تعبيراً عن قمة الفرح"، ففي أي دينٍ أو ملة حلل ذلك الشيء..! أي عقيدة سمحت بذلك، وقد غرست فينا عقيدتنا الإسلامية منذ نعومة أظفارنا، الحديث الصحيح عن النبي — صلى الله عليه وسلم — أنه لا تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وذكر من ضمنها (وعن ماله فيما اكتسبه وفيما أنفقه )..! ألن نُسأل عن الأموال التي تُداس في لحظاتِ فرحٍ قد نحوّلها جهلاً إلى لحظات بؤس..! ألا نخاف أن ينزل علينا سخط الله عز وجل ونحن في بطشٍ نرمي نعمة وهبها الله لنا، وحرمها عن غيرنا..! ألم نُفطر على كلمةٍ تردد دائماً منذ أن كنا في المهد أن (النعمة زوّالة)..! ماذا لو زالت عنّا نعمة المال، فزالت معها الفرحة والعيش الرغيد، والسلام والأمن..! ماذا لو حقّت علينا الآية الكريمة (ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات)، كيف سنهلك حينها ندماً أليس وارداً جداً أن تعيش الأجيال المُقبلة سنينا عجافا من القحط والفقر، فتقف على أطلال الذكرى وتقول: ان أجدادنا كانوا قد اختبروا رغد العيش، والحياة الفارهة، ومن مظاهر الترف أن كانوا يرمون بالأموال في الأفراح تحت الأقدام وعلى أجساد الفتيات..! إن بعض ما نراه تافهاً، قد يكون عند الله عظيماً، وقد تكون تلك العادات ذات الصفات الجاهلية، تقف كالحائل بيننا وبين أن يصل الدعاء إلى السماء، فسخط الخالق تصحبه نقمة عظيمة وضنك مُقيت، حينها نُحرم الرزق والصحة والعافية والغيث وما خطر على قلب بشر.. رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا"