12 سبتمبر 2025

تسجيل

الكتاب الأحمر

24 فبراير 2011

"الكتاب الأحمر" هو الإصدار الجديد الذي نزل مؤخراً في الأسواق والميادين والشوارع الليبية والذي قام بتأليفه الرئيس الليبي.. الطاغية العقيد معمر القذافي.. والملقب بعميد الحكام العرب.. ملك ملوك إفريقيا.. قائد الثورة.. صاحب أطول فترة حكم في ليبيا.. وفي العالم العربي والإسلامي، والتي جاوزت الأربعين سنة.. ولا أعرف لماذا عندما أتذكر مدة " أربعين سنة".. أتذكر ما ذكره بعض العلماء من أن الله أمهل "فرعون" مدة أربعين سنة بعد أن قال "أنا ربكم الأعلى" علّه يتوب أو يهتدي ولكنه أبى ذلك، فطغى وتكبّر، وظلم وتجبّر، فكان أخذ الله له.. أخذ عزيز مقتدر.. وجبّار منتقم.. يمهل ولا يهمل.. يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.. فلا يَنفع فوت.. ولا يُسمع صوت.. " الكتاب الأحمر" هو كتاب الدم الذي سطّره الديكتاتور معمّر القذافي والذي كان الجميع يتهافتون ويتخافتون حول آرائه الشاذة ومقولاته المضحكة.. بينما أعلنها الجميع الآن بأنه رجل مجنون معتوه، كتب كتابات أقل ما يقال عنها بأنها سخيفة وساذجة سمّاها " الكتاب الأخضر" والذي فرضه فرضاً وقسراً على الشعب الليبي وكأنه " قرآن " جديد لابد له أن يُتلى ولابد له أن يُحفظ عن ظهر قلب، فجعله منهجاً للطلبة وأقام له الحزب الحاكم أو حزب الثورة الذي لا شريك له في الأحزاب السياسية في ليبيا حيث منع أي تعدد حزبي أو فكري.. وكأن لسان حال القذافي يقول كما قال صاحباه "زين العابدين في تونس" و "حسني مبارك في مصر" (لا أريكم إلا ما أرى).. (ما عهدت لكم من إله غيري).. أو مع تعديلها (ما عهدت لكم من حاكم غيري). لقد أشاح صاحب الكتاب الأخضر عن وجهه القبيح واستبدل الأخضر بالأحمر ملطخاً يديه القذرتين بدماء الشهداء من الأبرياء من شعبه الذين ثاروا عليه بعد أن استفحل الأمر وانتشر الفساد في البلاد بعد أربعين سنة من القهر والصبر على هذا الطاغية المتكبّر المتعجرف، الذي يتفنن في الخروج بين حين وآخر بتقليعة جديدة في الأقوال والأفعال والملابس.. فتارة يسكن خيمة في الصحراء ويستقبل ضيوفه فيها بل وينقلها معه حيثما رحل وأخرى يجنّد حرساً خاصاً له من الحسناوات، وتارة ينتقب "يلبس النقاب" والثوب الأسود ويحمل غضن شجر كما قد ظهر في إحدى المناسبات، وتارة يمزّق ميثاق الأمم المتحدة وأخرى يدعو لإلغاء الحكومة وتوزيع المال على الناس دون وجود مؤسسات مجتمع مدني.. أي بمعنى آخر.. الدنيا فوضى.. وهكذا دواليك.. ربما لأن فترة حكمه الطويلة تستدعي أن يأتي كل فترة بشيء شاذ ومختلف بل ومجنون، كي لا يشعر هو بالملل وهو يطوي السنين متشبثاً ومستمسكاً بالحكم.. ولا عجب أن يدافع عن صاحبيه فيمتدح الطاغية زين العابدين، ويقول بأن تونس ستندم.. أو بقوله "على تونس السلام".. ويثني على حسني مبارك ويترحم عليه.. في الوقت الذي اتضح للعالم بأسره بأن حسني مبارك يكاد يُسجل في كتاب جينيس ضمن أكبر عملية سرقة شعب في العالم.. ويزعم بأنه " لا يملك ثمن ملابسه!!".. إنه استخفاف بالناس وبالشعوب.. أن يحكمها أمثال هذا الطاغية المعتوه الذي تمتلئ ليبيا بملايين البشر أعقل وأفهم منه في إدارة شؤون البلاد، بل وأزعم بأن ليبيا لو بقيت دون حاكم.. لهي بأحسن حال بألف مرة من وجوده في رئاسة هذا البلد العربي الأصيل. ومما زاد الطين بلّة.. أن خرج علينا ابنه " سيف الإسلام" - والإسلام من أفعاله بريء - في بيان مشئوم يكذب ويفتري على الله كذباً، ويصف الثوّار والمتظاهرين بأنهم خارجون على النظام " أي نظام أصلاً " وأنهم يريدونها أن تصبح حرباً أهلية! بل ويحذر من وقوع ذلك، في حين أنه لم يلتفت لجرائم والده الذي قمع الناس وصوّب عليهم أسلحته الثقيلة والتي لم يستخدمها اليهود في إبادتهم لأهل غزة كما فعل والده " المحترم " والذي يمتدحه ويزكيه، ولا أعرف لماذا يتمسك هؤلاء الطغاة بالحكم وكأن لسان حالهم يقول " لم نشبع سرقة ونهباً لأموال الناس "، والأدهى والأمر من ذلك عندما يحذر المدعو بسيف الإسلام.. يحذر الدول الغربية بأنها لن تسكت إذا قامت دولة أو إمارة إسلامية – على حد زعمه – في ليبيا مشابهة لما حدث في تونس ومصر، في تحريض واضح منه بل وقذر كذلك على الإسلام والمسلمين، وكأنها إشارة لأعداء الأمة العربية والإسلامية بأن يكونوا حذرين من الإرهاب والتطرّف و" البعبع " الإسلامي الذي صار فزّاعة يتعذر بها هؤلاء الطغاة من أجل أن يستنصروا الدول الغربية على شعوبهم.. مرسلاً برسائل واضحة لأصدقائه وأصدقاء والده الطليان وغيرهم من البريطانيين الذين دفع لهم تعويضات خرافية أو الأمريكان الذين أدّبوه وروّضوه بالحصار على ليبيا حتى خضع وتذلّل. لقد سكت دهراً ونطق كفراً هذا الموصوف بلاعب كرة القدم أو بالمهندس – لا أعرف بالضبط - المسمى بسيف الإسلام وما هو بكفؤ حتى يحمل هذا الاسم وكما وصفه الشيخ القرضاوي بأنه سيف من سيوف الجاهلية.. فكان بفعلته ومقولته تلك كخنجر مسموم في جسد الأمة، ولا نعجب فأمثال هؤلاء هم الذين تعاونوا مع المستعمرين لبلادهم وخانوا الله ودينهم وأمانتهم وأوطانهم وتعاونوا مع أعداء الأمة ضد شعوبهم.. أمثال هؤلاء هم الذين قتلوا الشهيد " عمر المختار" ووشوا إلى الطليان وأخبروهم بمكانه حتى قتلوه وأعدموه " شهيداً " عند الله.. طهّر بدمائه تراب وطنه، بينما تلطّخ في الوقت ذاته تاريخ هؤلاء الخونة بدم الضحايا الأبرياء.. لهم من الله ما يستحقون في الدنيا والآخرة. إن ما يغيظ حقا أن يقوم هذا المجنون معمّر القذافي وابنه المتكبر المتعجرف بالكذب عبر ادعاءاتهما بأن المتظاهرين ما هم إلا خونة أو تجار مخدرات أو "جرذان" على حد تعبير هذا الطاغية، والعالم بأسره يعرف تماماً من هم الخونة من أمثاله الذين باعوا مبادئهم أو المهلوسون من أمثال ابنه الذي يهدد ويتوعّد الناس ويحذر الغرب من خطر الإسلام والمسلمين، بل ويحذر من أن الناس سيقتتلون على البترول وأن المشاريع " الكبرى " ستنتهي إذا ما ذهب والده، وكأنه يقول بأن الناس من دون حكم والده أو حكمه من بعد والده سيضيعون وسيذوقون الهوان، ولم يعرف هذا المعتوه بأن الله هو الذي يرزق الناس جميعاً لا أمريكا ولا بريطانيا ولا إيطاليا التي جنّدته لديها بعد أن طردها أحرار وشرفاء ليبيا من أرضهم. إن ما فعله هذا الرئيس المعتوه في شعبه يستحق بأن يصنّف ضمن جرائم الحرب أو التصفية العرقية التي نسمع عنها، ولا عجب أن يستعين بمرتزقة أفارقة لأنهم " أهل التصفية العرقية " ومتخصصون في حروب الإبادة، ولا نعجب كذلك من خائن لله وللدين وللوطن أن يأمر بقتل إخوانه وأبناء شعبه من المسلمين من أجل أن " يخلّد " على عرشه المزعوم كـ " ملك ملوك إفريقيا " ولم يدر بخلده لو لحظة واحدة أن قتل نفس مسلمة "واحدة" كفيلة بخلوده في نار جهنم فما بالك بقتل شعب مسلم أعزل. قال الله تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير). فإننا نبتهل إلى الله أن ينزع ملك هذا الطاغية المتعجرف المتكبر وأن يحقن دماء إخوتنا في ليبيا وأن يزيل حكم هذا الطاغوت عن ليبيا وابنه وأتباعهما وأعوانهما وأن ينتقم منهم أجمعين وأن ينتصر للضعفاء والأبرياء والمظلومين.. اللهم آمين.. وللحديث بقية.